مرصد مينا
قلص الحرس الثوري الإيراني نشر كبار ضباطه في سوريا، بسبب سلسلة من الضربات الإسرائيلية التي أسفرت مؤخرا عن مقتل ستة من أعضائه بينهم قادة في مخابرات الحرس.
بحسب وكالة رويترز فإن الحرس الثوري الإيراني “سيعتمد أكثر على فصائل شيعية متحالفة مع طهران للحفاظ على نفوذه هناك”، وبينما يطالب أغلب المحافظين في طهران بـ”الثأر”، فإن قرار إيران سحب كبار الضباط “مدفوع جزئيا بحرصها على ألا تنجر إلى صراع يحتدم في أنحاء الشرق الأوسط”.
وبينما قالت المصادر إن إيران “ليست لديها نية للانسحاب من سوريا”، وهي جزء أساسي من دائرة نفوذ طهران، فإن إعادة التفكير تسلط الضوء على كيف تتكشف العواقب الإقليمية للحرب التي أشعلها هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر.
وسعت إيران، الداعمة لحماس، إلى البقاء خارج الصراع نفسه، حتى في الوقت الذي تدعم فيه الجماعات التي دخلت المعركة من لبنان واليمن والعراق وسوريا.
أحد المصادر، وهو مسؤول أمني إقليمي كبير، قال بحسب رويتر إن “كبار القادة الإيرانيين غادروا سوريا، مع عشرات من الضباط متوسطي الرتب”، ووصف ذلك بأنه “تقليص للوجود”.
يشار أن إيران أرسلت آلاف المقاتلين إلى سوريا وبينما كان من بين هؤلاء أعضاء من الحرس الثوري، الذين يعملون رسميا كمستشارين، فإن الجزء الأكبر منهم كانوا من رجال الميليشيات الشيعية من جميع أنحاء المنطقة.
وقالت 3 من المصادر، إن الحرس الثوري “سيدير العمليات السورية عن بعد، بمساعدة حليفه حزب الله”. مشيرة إلى أنها حاولت الحصول على تعليق من الجماعة اللبنانية التي تصنفها الولايات المتحدة منظمة إرهابية، دون أن تتمكن من ذلك.
مصدر آخر، وهو مسؤول إقليمي مقرب من إيران، قال إن أولئك الذين ما زالوا في سوريا “تركوا مكاتبهم وابتعدوا عن الأنظار”، مضيفا: “الإيرانيون لن يتخلوا عن سوريا، لكنهم قلصوا وجودهم وتحركاتهم إلى أقصى حد”.
وقالت المصادر إن التغييرات حتى الآن لم يكن لها تأثير على العمليات. وأضاف أحد المصادر، وهو إيراني، أن تقليص حجم القوات “سيساعد طهران على تجنب الانجرار إلى الحرب بين إسرائيل وغزة”.
ومنذ اندلاع حرب غزة، كثفت إسرائيل الضربات الجوية التي كانت مستمرة منذ سنوات، بهدف تقليص الوجود الإيراني في سوريا، حيث هاجمت كلا من الحرس الثوري وحزب الله – الذي كان بدوره يتبادل إطلاق النار مع إسرائيل عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ 8 أكتوبر.
ونادرا ما تعلق إسرائيل على هجماتها في سوريا، ولم تعلن مسؤوليتها عن الهجمات الأخيرة هناك، وفي أحد الهجمات في سوريا، وتحديدا الذي وقع في 20 يناير، قُتل 5 من أفراد الحرس الثوري، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، بما في ذلك جنرال كان يدير الاستخبارات لفيلق القدس، المسؤول عن عمليات الحرس الثوري في الخارج. ودمرت الغارة مبنى في دمشق بالكامل.
وفي حادث آخر، في 25 ديسمبر خارج دمشق، قتل أحد كبار مستشاري الحرس الثوري المسؤول عن التنسيق بين سوريا وإيران. وتقدم المرشد الإيراني، علي خامنئي، صفوف المصلين في جنازته.
وقالت 3 من المصادر، إن الحرس الثوري أعرب عن مخاوفه للنظام السوري، من أن “تسرب المعلومات من داخل قوات الأمن السورية لعب دورا في الضربات القاتلة الأخيرة” لافتة إلى أن الضربات الإسرائيلية الدقيقة دفعت الحرس الثوري إلى “نقل مواقع العمليات ومساكن الضباط، وسط مخاوف من حدوث خرق استخباراتي”.
الوكالة لفتت إلى أن الحرس الثوري “يجند مرة أخرى مقاتلين شيعة من أفغانستان وباكستان للانتشار في سوريا، في تكرار لمراحل سابقة من الحرب عندما لعبت الفصائل الشيعية دورا في تحويل دفة الصراع” وقال المسؤول الإقليمي المقرب من إيران، إن الحرس الثوري “يعتمد بشكل أكبر على الفصائل الشيعية السورية”.
من جهته قال المحلل في مجموعة أوراسيا الاستشارية للمخاطر السياسية، غريغوري برو، إن “الفشل في حماية القادة الإيرانيين، قوّض بشكل واضح موقف إيران”، لكن من غير المرجح أن تنهي طهران التزامها تجاه سوريا بالحفاظ على دورها في دمشق. كما دعمت روسيا الأسد، ونشرت قواتها الجوية في سوريا عام 2015، وأي إضعاف لدور إيران هناك يمكن أن يصب في صالحها. وقال برو: “موسكو وطهران تعملان معا بشكل أوثق، لكن علاقتهما قد تتوتر إذا تنافستا بشكل علني في سوريا”.