مرصد مينا – العراق
يعاني العراق، الذي يملك مقومات وثروات يفترض أن تجعله من أغنى البلدان، يعاني أزمة اقتصادية حادة، ألقت بظلالها على جميع مفاصل حياة العراقيين، كما شكلت التحدي الأكبر أمام حكومة رئيس الوزراء العراقي “مصطفى الكاظمي”.
ويرى خبراء الاقتصاد أن العراق يتجه نحو الانهيار المالي، نتيجة حالته الهشة الحالية، وسط تفشي فيروس كورونا والانخفاض الحاد في أسعار النفط التي توفر حوالي 90 في المائة من الإيرادات، حيث كشفت إحصائيات رسمية تراجع الدخل الشهري للعراق بين 2.5 و 3.5 مليار دولار، ما يعني أن بغداد تعاني من عجز شهري يتراوح بين 3.5 و 4.5 مليار دولار.
احتياطات العراق من العملة الصعبة بدأت في النفاذ، وشهد الدين العام الداخلي ارتفاعا ملحوظا، ما دفع خبراء الاقتصاد للتحذير من انتكاسة جديدة للدينار العراقي أمام الدولار.
انخفاض الاحتياط الأجنبي وصعود الدين العام
كشف الجهاز المركزي للإحصاء العراقي في بيان، يوم الأحد، عن انخفاض الاحتياطي النقدي للعراق من 78.25 تريليون دينار “65.75 مليار دولار” في الربع الأخير 2019، إلى 68.5 تريليون دينار “57.5 مليار دولار أمريكي” خلال الربع الأول 2020، بنسبة تراجع بلغت 12.5 بالمئة على أساس فصلي.
تراجع احتياطي النقد الأجنبي للعراق تزامن مع هبوط مداخيل النفط، مصدر الإيرادات الأبرز للبلاد، وارتفاع النفقات الجارية الناجمة عن إعادة إعمار العديد من المحافظات، وارتفاع فاتورة الرواتب في البلاد.
وذكر الإحصاء أن “الدين العام الداخلي للعراق بلغ 43.45 تريليون دينار “36.51 مليار دولار” حتى نهاية الربع الأول 2020، صعودا من 38.33 ترليون دينار “32.21 مليار دولار” في الربع الأخير 2019.
انكماش الاقتصاد وعجز مالي
كشفت توقعات صادرة عن الأمم المتحدة، مطلع شهر تشرين الأول\ أكتوبر الماضي، عن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للعراق بنسبة 10 بالمئة خلال العام الجاري، وذكرت الأمم المتحدة، أن العجز المالي سيصل مستوى غير مسبوق، يقارب 30 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي خلال العام الجاري.
ويقول خبراء اقتصاديون أن، التزام العراق باتفاقية “أوبك+” لخفض الإنتاج، القاضية بخفض الأعضاء 9.7 ملايين برميل اعتبارا من شهر أيار\ مايو الماضي، وبعدها تقليص الخفض إلى 7.7 ملايين برميل اعتبارا من أغسطس/ آب الفائت حتى نهاية 2020، أثرت بشكل مباشر على تفاقم العجز المالي للبلاد، خاصة بعد هبوط أسعار النفط لأدنى مستوى له، خلال العام الجاري، حيث بلغ متوسطا 15 دولارا للبرميل، قبل أن يصعد لاحقا لمتوسط 40 دولارا.
يشار الى أن العراق، يعتبر ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”، بمتوسط إنتاج يومي يصل الى 4.6 ملايين برميل يوميا في الظروف الطبيعية.
انتكاسة الدينار العراقي بسبب الاقتراض الحكومي
يحذر خبراء اقتصاد من انتكاسة جديدة للدينار العراقي أمام الدولار، نتيجة استمرار الأزمة المالية، ولجوء الحكومة للاقتراض الداخلي من البنوك الأهلية والحكومية لتأمين مرتبات الموظفين.
وشهد سعر صرف الدولار أعلى مستوى له خلال الأيام الماضية في الأسواق المحلية، حيث بلغ 1128 دينارا عراقيا، قبل أن يعود ليستقر عند عتبة 1125 ديناراً، بارتفاع كبير عن السعر الذي استقر عنده طوال السنوات الماضية ولغاية بدء جائحة كورونا وهو 1118 ديناراً.
يرى المحلل الاقتصادي العراقي “سمير السهلاني” أن السبب الرئيسي لانخفاض قيمة الدينار العراقي هو توجه الحكومة للاقتراض، مشيرا الى أن حكومة الكاظمي تنوي الاقتراض مرة ثالثة مبلغ قدره نحو 300 مليون دولار لتمويل احتياجات مفوضية الانتخابات لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر”.
ويضيف “السهلاني” أن “استمرار الحكومة بسياستها المالية واللجوء للاقتراض سيؤدي إلى انزلاق العملة المحلية وتعويمها وانهيار الاقتصاد المحلي”، متوقعاً أن “يقترب سعر صرف الدولار من مستويات قياسية بداية عام 2021”.
يشار الى أن البرلمان العراقي أقر في 12 تشرين الثاني\ نوفمبر الماضي، قانون الاقتراض الداخلي والخارجي بقيمة 12 تريليون دينار عراقي “10 مليارات دولار”، في مسعى لإنهاء أزمة تأخر صرف رواتب موظفي الدولة.
وكان البرلمان أقر في 24 حزيران \يونيو الماضي، مشروع قانون أتاح للحكومة بموجبه اقتراض 15 تريليون دينار “12.5 مليار دولار” داخليا، و5 مليارات دولار خارجيا لتغطية العجز المالي.