الرئيس ينتخب شعبه.. هذا في سوريا

أي كانت النتائج، فالانتخابات الأمريكية تعطي ما يكفي من الدروس بالكيفية التي يختار فيها شعبًا رئيسه.

شعوب العالم الثاث، وتحديدًا الشعوب العربية، وبشكل أخص الشعب السوري، يتابع الشاشات، وهو يعلم كل العلم بأن في بلاده:

ـ الرئيس هو الذي يختار الشعب.

تلك هي الحكاية، وهاهي سنوات عشر تمضي على الشعب السوري، ليهاجر وينزح مايزيد عن النصف، ومن تبقّى في البلد، سجناء في المكان ريثما تقرر الرئاسة من منهم يصلح ليكون شعبًا أم سجينًا، ومن سيكون مطرودًا قسرًا من موطنه وبيته وأملاكه.

عشر سنوات ولم يهتز شيء بقناعات السلطة ولا ثقافتها ولا خطابها السياسي، بل تعمّقت خطابات أمسه، وتحوّلت إلى قدس أقداسه، وليس ثمة ضوء في نهاية النفق السوري، فيما العتمة تحيط بحياته:

ـ عتمة رغيف الخبز، وعتمة الصحة، وعتمة فرص العمل، وعتمة الجهاز االقضائي، ولم يبق مضاء في البلاد سوى السماسرة ومستثمري الأزمات وأجهزة الاستخبارات التي تصول وتجول وتصوّب بنادقها على الناس كل الناس بلا أي تمييز، بما في ذلك الكتلة المؤيدة للنظام، وقد دفعت بأبنائها إلى حرب خسرت فيها الأبناء ولم تربح فيها الحياة، ولا أفق.

لا أفق لتسوية بحدها الأدنى، ولا أفق لرحيل شخص الرئيس، ولا أفق لتعايش ما بين القاتل والقتيل، ويجتمع على إغلاق الأفق، معارضة فاسدة، ونظام استثمر في فسادها أكثر مما استثمر في سلاحه.

وبعد.

السوريون عالقون، بين المنافي والسجون والإقامة الجبرية، والعالم كل العالم يتفرج، فبالنسبة للأمريكان، لم تكن المسألة السورية أولوية، لافي زمن باراك أوباما، ولا في مرحلة دونالد ترامب، ولن تكون اولوية في زمن جو بادين فيما لو فاز، وبالنسبة للمجموعة الأوروبية، لم يكن حالها أفضل، وهاهي العواصم الأوروبية تواجه الارهاب الإسلامي، ليستثمر النظام في هذا الإرهاب مستغلاً خطابه االقديم في أنه (بمواجهة الارهاب) وهو الارهاب المحمّل إلى فصائل لم تكن خارج لعبة الاستخبارات السورية بدءًا من االافراج عن رموزها بداية 2011 أما بالنسبة لتركيا، فهي تتمدد بالارهاب، وتفتح الطريق اليه، وتستضيفه وتموله، وتشرع بوابات فنادقها ومعسكراتها للملتحقين به.

والشعب السوري:

ـ ياوحده.

ياوحده وهو يتابع الانتخابات الأمريكية بحسرة من لم يختبر الانتخاب، ولم يتعرف على البطاقة الانتخابية، ومن لم يتقدم إلى صندوق سوى صندوق الجنازة.

ما يحدث، وهذا ليس مزاحًا ولا لعب على الكلام والمفارقة.

مايحدث أن الرئيس يختار شعبه.

وليته يحترم من يختار.

ديّة الشهيد عنزة أو ساعة حائط تمشي بتوقيت (الأسد).

لاتوقيت في سوريا ولا وقت.

Exit mobile version