العالم لايتفرج على الضحايا كما يزعم الإعلام السوري، غير أن الأمم كما الشعب السوري لا تثق ولا لرفة جفن بنزاهة النظام الذي لن يحول دون سرقة الموارد التي تأتي لإنقاذ من شرّدهم الزلزال، فالكارثة هي استثمار جديد لنظام لم يفوت فرصة واحدة للنهب إلا ومارسها ولهذا لن تكون الحكومة السورية بوابة موثوقة لمآزرة ضحايا الزلزال، وهذا امر بات مفروغاً منه.
ما سيضاف إلى هذا سؤال ربما سيتكرر كثيراً في هذه الأيام وفي الأيام المقبلة على سوريا، ومفاده:
ـ ما الذي أبقاه النظام في سوريا من فرص للتصالح مع العالم، دون تجاوز السؤال الملتصق بالسؤال إياه:
ـ ما الذي أبقاه للتصالح مع شعبه؟
زجّ بخطابه السياسي ومواقفه السياسية بالحرب الروسية / الأوكرانية حتى تقدّم على الموقف الروسي وزاد عليه، فيما كان بوسعه تحييد بلاده، وإن لم يكن تحييدها فعلى الأقل اتخاذ مواقف وسطية أسوة بدول عربية عديدة اختارت أن تقف في الوسط دون أن تضع أوراقها وأوراق بلادها في السلّة الخاسرة، وإذا مادلّ ذلك فلاشكّ فسيبرهن على فشل النظام ورئيسه في استيعاب اللعبة الدولية وتقدير موقعه وإمكانياته فيها، ما أدى إلى المزيد من محاصرة النظام وقد كان من جريرته محاصرة الشعب، كل الشعب، حتى باتت الحياة على حافة المستحيل وبات الجوع يقتل كما الزلزال قاتل، فما الذي قدّمه حلفاء النظام في لحظة الكارثة السورية ، ونعني ما بعد الزلزال؟
ولا شيء يمكن التوقف عنده، فحلفاءه تركوه لمصيره، وهذه تركيا الجارة تقدّم المثل على مدى التعاطف والتضامن الدوليين الذي شهدته في محنتها، والتي توضح بما لايقبل الشك، ذاك الفارق الهائل ما بين إدارة فاشلة وإدارة ناجحة، ولكل من الإدارتين مركزهما والمركز يتصل بشخص الرئيس في كل من البلدين، وليس ثمة شك بأن النتائج تقول بأن بشار الأسد هو أفشل من أن يدير مزرعة دواجن لا أن يدير بلاداً عمرها ستة آلاف عام من المدنية والحضارة، وتعاطيه مع الزلزال يوطد هذه القناعة، فالرجل لم يبد ولو للحظة واحدة مشاعر المواطن، كي يعقبها بحكمة الرئيس، بما افقده حق المواطنية فكيف الحال بحقه في الرئاسة؟
الكلام المتداول اليوم في الأوساط الشعبية السورية والذي بات بالصوت المرتفع، هو أن الزلزال وفّر على بشار الأسد احتياطيه من البراميل المتفجرة، وأعانه على تهديم مالم يهدّم في البلد.
بقاءه في الحكم بات الكارثة الأكبر التي تتجاوز لعنة الزلازل أو لعنة البراكين، أو أيّة لعنة يمكن تصوّرها.
ثمة من يعتقد ان ما بعد الزلزال لن يكون كما قبله.. ما بعده لن يبقى صوت واحد يناصر بشار الأسد في حكم سوريا، بما فيه أصوات زعرانه وشبيحته.
بانتظار الأيام المقبلة علّ من نام على الصمت يستيقظ على إعلاء الصوت.. صوت واحد يقول:
ـ يللا ارحل يابشار.
لتتجدد الثورة ولكن:
ـ بعد الاستفادة من عِبر الماضي وأخطاءه.