السارق من السارق كالوراث من مال أبيه

من بين الأسئلة التي طرجتها الحرب الروسية ـ الاوكرانية:

ـ أين يخبئ الاوليغارشيون الروس امواله.

السؤال جاء أعقاب قرارات دولية بملاحقة هؤلاء، ومع السؤال ثمة سؤال آخر:

ـ هل سيكون بالوسع تعقب أموال هؤلاء؟

ومن ثم:

ـ ما مقدار “الأموال السوداء” الروسية الموجودة حول العالم؟

مركز الأبحاث الأمريكي “أتلانتيك كاونسل” نشر تقريرًا من عناوينه أن الروس لديهم نحو تريليون دولار مما يطلق عليه اسم “الأموال السوداء” المخبأة في الخارج.

ومع التقرير اجابة عن سؤال.

من هم كبار الأثرياء الروس المقربون من بوتين؟

قبل سنتين  صدر تقرير عن المركز إياه جاء فيه أن ربع هذا المبلغ يتحكم فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحاشيته المقربة، وهم الروس الأثرياء المعروفون باسم “الأوليغارش”.

وقال التقرير “يمكن استغلال هذه الأموال وتوجيهها من قبل الكرملين للتجسس والإرهاب والتجسس الصناعي والرشوة والتلاعب السياسي والتضليل والعديد من الأغراض الشائنة الأخرى”.

كيف تجنى “الأموال السوداء”؟

تقول مؤسسة فكرية أمريكية أخرى، وهي الصندوق الوطني للديمقراطية، إن بوتين شجع المقربين منه “على السرقة من ميزانية الدولة، وابتزاز الأموال من الشركات الخاصة، وحتى تنظيم الاستيلاء المباشر على الشركات المربحة”.

كما تقول إنهم بهذه الطريقة كونوا ثروات شخصية تصل إلى عشرات المليارات.

وقد زعم المعارضان الروسيان البارزان بوريس نيمتسوف وفلاديمير ميلوف، أنه بين عامي 2004 و 2007، تم تحويل 60 مليار دولار من أموال شركة النفط العملاقة غازبروم إلى أصدقاء بوتين.

وتشير وثائق باندورا، التي أصدرها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، إلى أن الأشخاص المقربين من بوتين أصبحوا أثرياء للغاية – ويمكن أن يساعدوه في التصرف بثروته الخاصة بحرية كبيرة.

أين يتم الاحتفاظ بتلك الأموال؟

تاريخيا كانت قبرص الوجهة الأبرز للكثير من هذه الأموال، كونها تتمتع بنظام ضريبي يبدو مواتيا ومغريا لأصحاب تلك الأموال، لدرجة أن تلك الجزيرة باتت تعرف بالنسبة للبعض باسم “موسكو البحر المتوسط”.

ووفقا لمركز “اتلانتيك كاونسل” الأمريكي، ذهب 36 مليار دولار من الأموال الروسية إلى قبرص في عام 2013 وحده. وقد وصل الكثير منها عبر شركات وهمية تُستخدم لإخفاء هوية المالكين الحقيقيين.

وفي عام 2013، أقنع صندوق النقد الدولي قبرص بإغلاق عشرات الآلاف من الحسابات المصرفية التي تحتفظ بها شركات وهمية.

هذا في قبرص، ولكن لما وراء البحار البريطانية ماوراءها، ونعني هنا جزر فيرجن البريطانية وجزر كايمان من الوجهات المفضلة أيضا.

وقد قال تقرير صادر عن مؤسسة “غلوبال ويتنس” Global Witness إنه في عام 2018 كان لدى الأوليغارشية الروسية ما يقدر بنحو 45.5 مليار دولار في هذه الملاذات الضريبية.

كما تجد بعض هذه الأموال طريقا إلى العواصم المالية الكبرى مثل نيويورك ولندن، حيث يمكن استثمارها وجني العوائد منها.

من هم الأوليغارش الروس أو “أصدقاء بوتين”؟

وتزعم منظمة الشفافية الدولية لمكافحة الفساد، أن ما لا يقل عن ملياري دولار (1.5 مليار جنيه إسترليني) من الممتلكات البريطانية مملوكة لروس متهمين بارتكاب جرائم مالية، أو لهم صلات بالكرملين.

وقد كُشف عن اتساع نطاق غسيل الأموال الروسي في تقرير عام 2014 الصادر عن مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد في منظمة ” غسيل الأموال الروسية”. وقالت إنه بين عامي 2011 و 2014، قام 19 بنكا روسيا بغسل 20.8 مليار دولار عبر 5140 شركة في 96 دولة.

كيف يتم إخفاء تلك الأموال؟

الطريقة المعتادة التي يخفي بها الأوليغارش الروس “أموالهم السوداء” في الخارج هي من خلال الشركات الوهمية.

يقول مركز أبحاث “أتلانتيك كاونسل”: “يوظف هؤلاء الأوليغارش أفضل المحامين والمراجعين والمصرفيين وجماعات الضغط في العالم لتطوير وسائل قانونية لإخفاء وغسل أموالهم”.

“الأوليغارشية الحقيقية لديها مجموعات كبيرة من الشركات الوهمية المجهولة في عدد من الولايات القضائية الخارجية، وأموالها تتحرك بسرعة البرق بين تلك الشركات”.

في عام 2016 نشر الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين وثائق بنما، التي أظهرت أن شركة واحدة بمفردها قد أنشأت 2071 شركة وهمية للروس الأثرياء.

ما هي الخطوات المتبعة للتوصل إلى أموال الأوليغارش؟

في أعقاب غزو أوكرانيا، أعلنت الدول سلسلة من الإجراءات لتعقب الأموال الروسية.

وتقوم الولايات المتحدة، على سبيل المثال، بتشكيل فريق عمل جديد “كليبتوكابتشر” للحد من الموارد المالية للأوليغارش الروس.

ومن المقرر أن تدير الفريق وزارة العدل الأمريكية، وتهدف إلى مصادرة الأصول التي تم الحصول عليها من خلال سلوك غير قانوني.

واتخذت حكومة المملكة المتحدة خطوات لزيادة استخدامها لـ”أوامر الثروة غير المبررة”، والتي تلزم الناس بإثبات المصادر التي حصلوا منها على الأموال النقدية لشراء الأصول في المملكة المتحدة.

صدر الصورة،AFP VIA GETTY IMAGES

الغريب في الامر، أن مجموع الأولغارشيون امتلكوا في قبرص كما في جزر ماوؤاء البحار، كذلك في بريطانيا التي لاتغيب عنها الشمس، جوازات سفر ذهبية، وأتيح لهم شراء جنسيات من الجنسيات الذهبية أيضًا، واليوم يُطاردون، وتسحب جوازاتهم وتصادر اموالهم، كما لو انها سرقوا لحساب دول تنتظر لتسرقهم.

تقرير كهذا يلفت الانتباه إلى أولغارشيات أخرى، من بينها العربية التي نهبت بلدانها وخبّأت ماسرقت في مواطن “آمنة”.

ـ آمنة لمن؟

لتسرق منهم، بعد أن سرقوها واالقاعدة تقول:

ـ السارق من السارق كالوارث من مال أبيه.

Exit mobile version