حصار الفاشر في غرب السودان يدفع السكان لأكل أعلاف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة

مرصد مينا

لجأ آلاف السكان في مدينة الفاشر غرب السودان، المحاصرة من قبل قوات “الدعم السريع”، إلى طحن أعلاف الحيوانات واستخدامها بديلاً لحبوب الدخن والذرة لسد الرمق والبقاء على قيد الحياة.

وتحولت الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، إلى مدينة أشباح وسط أنقاض حرب مستمرة منذ أكثر من عامين، مع بروز بوادر مجاعة طاحنة مع نفاد المواد الغذائية الأساسية، مثل الذرة بمختلف أنواعها (الدخن والعيش)، وغياب مياه الشرب النظيفة.

وقال سكان في الفاشر: “لا نجد ما نأكله، وهو حال معظم سكان الفاشر. اضطررنا لشراء الأعلاف الحيوانية (الأمباز) لطحنها وطبخها على شكل عصيدة”.

وأضافوا: “نبحث الآن عن طرق للهروب من المدينة، لأنه لم يعد يلوح في الأفق من ينقذنا من هذه الأوضاع”.

وأشار أحد السكان إلى أنه يقضي يومه في البحث عن دقيق الدخن أو ذرة العيش، وعندما يعجز عن شرائها بسبب ارتفاع الأسعار، يضطر لشراء الأعلاف وجمع الحطب لطبخ وجبة بسيطة لأسرته، وقال: “لولا اضطرارنا لما صنعنا ذلك، لأن أسعار الحبوب مرتفعة إن وجدت”.

و”الأمباز” هي مخلفات بذور الفول السوداني والسمسم بعد استخراج الزيت، تُستخدم عادةً علفاً للماشية، وليست صالحة للاستهلاك البشري.

من جهته، أقر حاكم ولاية شمال دارفور، الحافظ بخيت، بأن “الوضع الإنساني في الفاشر أصبح لا يُطاق، وتفاقم أكثر مما يجب”، داعياً إلى فك الحصار عن المدينة “اليوم قبل الغد”.

وقال في تسجيل مصور بثته وسائل إعلام محلية: “ما يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي حول تناول المواطنين أعلاف البهائم (الأمباز) حقيقي، وقد نفدت الحبوب من الأسواق”.

وأضاف أن هناك ندرة وغلاءً كبيرين في الحبوب، حيث بلغ سعر ربع كيس دقيق الدخن نحو 500 ألف جنيه سوداني (الدولار يعادل نحو 2900 جنيه)، وغالباً لا يتوفر.

وتُكافح الأسر المحاصرة للبقاء على قيد الحياة، إذ بلغ سعر جوال الدخن نحو 4 250 ألف سوداني، أي ما يعادل نحو 1500 دولار أميركي.

وقال آدم رجال، المتحدث باسم “المنسقية العامة للاجئين والنازحين في دارفور”: “ما يتعرض له المدنيون في الفاشر من حصار وتجويع جريمة بشعة، وغض النظر عنها وصمة عار على الإنسانية”.

وطالب بتحرك دولي عاجل لوقف الكارثة الإنسانية والضغط على أطراف الصراع التي لا تهمها حياة المواطنين، ووقف الموت المجاني في الفاشر.

وأشار إلى أن تجار الأزمات بلا ضمير، وأن المواطنين يشعرون بأن “حلول الأرض انتهت، والأمر متروك للسماء”، وهم بحاجة لمن يقف معهم في ظل غياب أي مبادرة جدية من الداخل والخارج.

ووفقاً لشهادات مواطنين، توقفت معظم مراكز “التكايا” التطوعية الخيرية التي توزع وجبات مجانية، أو هي على وشك التوقف بسبب عجز القائمين عليها عن شراء المواد الغذائية بسبب الأسعار الجنونية.

وأضافوا أن آلاف الأشخاص الذين بقوا في المدينة رغم تدهور الأوضاع الأمنية والقصف المدفعي، لم يعد بإمكانهم الصمود ويبحثون عن فرصة للهروب حتى لو كلفهم ذلك حياتهم.

وأطلقت “المقاومة الشعبية بولاية شمال دارفور” نداء استغاثة عاجلاً إلى الحكومة والمنظمات لإنقاذ المدنيين الذين يموتون جوعاً وسط صمت دولي وتجاهل لمعاناة آلاف المدنيين الأبرياء.

وقالت في بيان: “انعدام الغذاء والدواء أصاب آلاف الأطفال والنساء وكبار السن بسوء تغذية حاد نتيجة الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية”، مطالبة بفتح ممرات إنسانية آمنة تحت إشراف دولي للسماح بوصول المساعدات العاجلة.

تجدر الإشارة إلى أن قوات “الدعم السريع” طوقت الفاشر منذ أبريل 2023، وبدأت عمليات عسكرية للسيطرة عليها، ما أدى إلى حرب استنزاف طويلة مع تصاعد الهجمات بوتيرة متسارعة مؤخراً.

Exit mobile version