السودان .. ولادة الجمهورية الثانية

تطورات متلاحقة ومتسارعة شهدتها الساحة السودانية خلال الساعات الماضية التي حملت معها أخباراً مهمة للشعب السوداني، أولها قرب التوقيع على الوثيقة الدستورية والسياسية الذي من المفترض أن يتم يوم غد السبت 17 آب، إلى جانب تكليف الدكتور “عبد الله الحمدوك” بتشكيل حكومة انتقالية، والاتفاق على تشكيل المجلس السيادي الذي سيتولى رئاسته الفريق عبد الفتاح برهان رئيس المجلس العسكري الحالي.

أمام هذه التطورات رأى مراقبون أن السودان يعيش اليوم ولادة الجمهورية الثانية في تاريخه، على اعتبار أن الجمهورية الأولى التي تشكلت بعد الانفصال عن مصر لم يتغير شكلها منذ ذلك الوقت على الرغم من تتابع الأنظمة الحاكمة والانقلابات التي أبقت العسكر في السلطة حتى إسقاط نظام الرئيس السابق “عمر البشير” في وقت سابق من العام الحالي بعد احتجاجات شعبية استمرت أشهر، مشيرين أن الأوضاع الحالية تختلف عن سابقتها التي مرت فيها البلاد سابقاً نظراً للمشاركة المدنية الفعالة في صياغة ورسم شكل نظام الحكم القادم الذي لا يبدو أن العسكر سيكونون قادرين على التحكم به، على حد وصفهم.

تريند وتعهدات ببناء جيل جديد

تطورات السودان وجدت مكاناً لها على مواقع التواصل الاجتماعي وبقوة؛ حيث سيطر هاشتاج #السودان_الاتفاق_السياسي على مساحة واسعة من التغريدات التي انقسمت في الموقف وحول ما يمكن أن يقدمه الاتفاق للسودان والسودانيين.

أولى ردود الفعل جاء من حساب يحمل اسم رئيس الحكومة المكلف “عبد الله الحمدوك”، حيث نشر تغريدة قال فيها: “المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير اعتمد بالإجماع عليّ لأكون رئيسا للوزراء ، وسأكون علي قدر تلك المسؤلية”.

واعتبر “الحمدوك” في تغريدة أخرى أن أول خطوة في المدنية هي بناء جيل جديد معافى من ما أسماه سموم الكيزان، جيل مثقف، واعي، عارف بحقوقه، قوي، غير منهزم، غير متألم، مضيفاً: “أقترح مادة جديدة في المنهج باسم التربية المدنية لتطهير العقول تدرس فيها كيف تصبح مواطن في دولة مدنية وحقوقك وواجباتك”.

وفي السياق ذاته، أبدى تجمع المهنيين السودانيين تأييده لما توصلت له الأطراف السوادنية، معتبراً في بيانٍ نشره على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي يوم توقيع الاتفاق باليوم الوطني الخالص،

مطالبات وتحذيرات من القادم

على الرغم من حالة التفاؤل التي سيطرت على المشهد السوداني إلا أن أصواتاً جاءت مغردة خارج السرب حيث طالب رئيس حركة العدل والمساواة السودانية المقيم في عاصمة جنوب السودان جوبا “جبريل إبراهيم” إلى التمهل وعدم الاستعجال في توقيع الوثيقة الدستورية، موجهاً كلامه لقوى التغيير السودانية، بهدف ما أسماه المحافظة على مكتسبات الثورة، واستصحاب بقية الأطراف معها، لضمان المستقبل الأفضل للبلاد.

وفي تعليقه على الاتفاق، انتقد “إبراهيم” وثيقة الإعلان الدستوري التي تم الاتفاق عليها بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، معتبراً أنها أنها تجاوزت مناقشة قضية الحرب وتحقيق السلام.

كما كان من اللافت بروز اسم الرئيس السابق “عمر البشير” في ردود الفعل الدولية وتحديدا منظمة العفو الدولية التي تفاعلت مع الاتفاق بالدعوة إلى ضرورة أن لا يفلت الرئيس السابق من العقاب على ما وصفته بارتكاب جرائم حرب ، بما في ذلك الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، التي يُدّعى أنه ارتكبها في دارفور عندما كان في السلطة.

يشار إلى أن الأطراف السودانية ممثلة بالمجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير قد وقعت بالأحرف الأولى وثيقة الإعلان الدستوري;، بوساطة من الاتحاد الإفريقي، حيث اتفق الطرفات على جدول زمني لمرحلة انتقالية من 39 شهرا يتقاسمان خلالها السلطة، وتنتهي بإجراء انتخابات.

ومن المقرر أن يوقع الطرفان، في 17 أغسطس/آب الجاري، بشكل نهائي اتفاق الإعلان السياسي والدستوري; للمرحلة الانتقالية.

ويشهد السودان اضطرابات متواصلة منذ أن عزلت قيادة الجيش، في 11 أبريل/نيسان الماضي، عمر البشير من الرئاسة (1989 2019)، تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية.

مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي

Exit mobile version