قد يكون السوريون هم الأكثر تعليقًا على ” الحدث” أي كان الحدث، بدءًا من “حدث” ممثلة تخلع ملابسها التحتية في فيلم سينمائي، من مثل منى زكي وفيلم أصحاب ولا أعز، وصولاً لرفع الدعم عن رغيف الخبز في مخابزهم.
يحدث ذلك، ربما بسبب الحرمان التاريخي من إعلاء الصوت وإبداء الرأي، وربما بسبب الهجرات الواسعة التي تمنح لوسائل التواصل مكانة “المضافة، “المقهى”، التجمع أي كان وبصرف النظر عن المكان.
مقتل زعيم تنظيم “الدولة الإسلامية” أبو إبراهيم القرشي (عبد الله قرداش)، في محافظة إدلب شمال غربي سورية، كان له حصة كبيرة من هذا الحوار السوري / السوري، إن لم نقل من ردود أفعال من ناشطين سوريين، خاصة أنه الزعيم الثاني للتنظيم الذي يقتل في المحافظة.
وكانت الولايات المتحدة قتلت في تشرين الأول عام 2019، الزعيم السابق أبو بكر البغدادي، بعملية إنزال مشابهة، ومشاركة قوات خاصة ومروحيات وطائرات مسيرة.
من التعليقات التي يمكن الاستشهاد بها:
ـ “قتل الأمريكيين لزعيمي التنظيم في إدلب خلال أقل من ثلاث سنوات، حمل ثقيل على إدلب وأهلها ونازحيها”.
تعليق انطباعي على علاقة بالموقف من “داعش”.
ـ “بمقتل القرشي، أوصلت أمريكا رسالتها بأن أحداث سجن غويران في الحسكة، قد خطط لها في إدلب، ولربما كان اختيار الزمان أمراً متعمداً”.
تحليل لايقدّم أية أدلة.
ـ ” تزامن عملية مقتل القرشي والبغدادي، مع إطلاق تركيا عملية عسكرية تحت اسم “نسر الشتاء”.
استقراء، يحتمل الصح والخطأ.
ـ “تساؤلات حول سبب اختباء قادة التنظيم في إدلب، وكيفية كشفهم من قبل التحالف الدولي وعدم توجيه أي ضربة لقادة “تحرير الشام”، التي ما تزال مصنفة على لوائح الإرهاب”.
اتهام صريح للإدارة الأمريكية بالتواطؤ من “النصرة”، على حساب “داعش”.
ـ ” أحد أهداف العملية الرئيسية هي إيصال رسائل إلى تركيا، التي تنتشر نقاطها على مختلف جغرافيا مناطق سيطرة المعارضة”.
اتهام لتركيا باحتواء “داعش”.
ـ “مناطق إدلب، مركز للإرهاب العالمي”.
استخلاصات مناصري بشار الأسد، والاستثمار في مقتل القيادي الداعشي.
ومع كل تعليق من التعليقات، تلميح لنظام متواطئ، أو إشادة بنظام آخر، مع أن للحدث ملامح بالغة الوضوح وكان جو بايدن قد أدلى بتصريحات واضحة، وكان الخبر قد تناثر على محطات الأخبار العالمية والدولية، وهو “الحدث” الذي وقع بعد أيام من اقتحام عناصر من التنظيم في 20 كانون الثاني الماضي، سجن غويران جنوبي الحسكة، الواقع في مناطق سيطرة “قسد” المدعومة من التحالف الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة.
وبالوسع إضافة “ولم تستطع “قسد” إعادة السيطرة عليه إلا بعد ستة أيام، مع أنباء وتقارير أفادت بهروب عناصر من التنظيم، ونجاحهم في الوصول إلى خلاياه المنتشرة في البادية السورية”.
تباين الاجتهادات والآراء، ليس عيبًا يسجّل على السوريين، غير أن له فيما له دلائل أخرى ومن دلائله التي يحتملها، هو ماورد في منشور على الفيس بوك، يقول المنشور:
ـ قطيع نحن .. قطيع بات كل خروف منه يتلوّع وحده في واديه .
وهو منشور يحمل الكثير من الدلالات، قد يكون أبرزها متاهة السوري في تكوين جسد مرجعي، يمكن الاتكاء عليه، أو يمكن أن يشكّل حاملاً اجتماعيًا وسياسيًا يعبر عن الشريحة الأوسع من السوريين الذين جمعهم “الشتات” ولم تجمعهم “الصيغة”، وهذا امر يتطلب إعادة النظر في التكاليف الباهضة التي حملها السوريون دون عائدات توازي الأكلاف، أقله في تشكيل “تنظيم”، “حزب” ، “تيار”، أو اقله مركز أبحاث يتجاوز فيما يتجاوزه الاصطفافات السياسية التي تشتغل على إعمال العقل بعد انفلات الغرائز.
ذات يوم قال برتولد بريخت:
ـ فللنظر إلى الغريب وراء المألوف.
وقبله قال ابن عربي:
ـ الخفيّ في الجليّ.
والسؤال:
ـ متى يدرك السوريون ماخفي من مصائرهم؟