وقد حوّلوا سوريا إلى سوريتين، سوريا المال الفاسد ورجال المال الفاسد، وسوريا المجاعة، واللقمة المغموسة بالدم.
وقد حوّلوا الجيش إلى جيشين، جيش يموت ويقتل على الجبهات، وجيش يستثمر في موت الجيش.
وقد حوّلوا الشارع إلى شارعين، شارع يتظاهر مطالبًا بحق الحياة، وشارعًا من الضواري الذين ينقضّون على الشارع وهم يفتتنون بمتعة القتل.
وقد انتهت الدولة كل الدولة وباتت مقاطعات يتقاسمها التركي، والروسي والايراني والامريكاني
ـمالذي تبقّى من سوريا؟
تظاهرات السويداء اليوم أخذوها إلى شارعين، شارع يتظاهر سلميًا وبكل معاني السلمية، وشارع آخر ينقضّ على الشارع بما يسمح بطرح مخاوف تتجاوز التظاهر الى الاقتتال الأهلي، بما يحوّل الشارع الى مجزرة، وهو ما يخطط له نظام استثمر منذ 2011 بدماء الناس، فلم يتبق منه كنظام سوى الهرواة والسواطير والبراميل المتفجرة وحفر المقابر الجماعية، فلا قضاء ولا تعليم ولا صحة ولا خبز، ولا حتى رئيس قادر على التوجه بخطاب متلفز يقول فيه للناس مايمر به نظامه باعتبار نظامه هو البلاد، والبلاد مقبلة على ماهو امرّ من مرارة الأيام السابقة وقانون قيصر قد بات تحت التفعيل، ما يعني أن الجائع سيغرق في جوع أقسى، والمحروم سيغرق تحت حرمان أقسى، فيما الطبقة الحاكمة تستثمر مدخراتها في أحدث أنواع السيارات، وأفخم ماركات الساعات، وكل ما يتيحه المال الفاسد من عمارات، وكل ما تتيحه اللصوصية من ترف جعل البلد بلدين، بلد القصر وبلد البيت بلا سقف.
والقادم أعظم، وهذا نموذج السويداء ربما يتحول إلى النموذج المقبل للبلاد إذا ما تظاهرت أو احتجت أو تساءلت أو سُئلت، وثمة من المعلومات ما يفيد بأن قوّات “داعش” وقد تمركزت شرقي السويداء قد تطلق في أي وقت يشاءه النظام، كما حال ما سبق قبل عامين فكانت المجزؤة التي ذهب فيها المئات، وقد تتكرر اليوم، في توافق وترتيب وتخطيط ما بين ميليشيات النظام وميليشيات الدواعش، وكله بات ممكناً، متوقعًا، وقد يحلّ في حياة الناس في كل آن.
البلد وقد باتت بلدين.. الجيش وقد بات جيشين.. الشارع وقد بات شارعين، والفوضى وحدها رأسمال نظام يتقن ادارة الفوضى.
ستكون الأيام الصعبة وقد ابتدأت منذ 2011 وستتجدد اليوم.
كل التوقعات السوداء ممكنة.
كل حالك السواد ممكن.