السيد الرئيس.. المهنة “مُعطّل”

ما أن انتهت ولايته حتى خرج بوريس جونسون من مكتبه و”على قدميه” ليعود مواطنًا بريطانيًا له من البريطانيين “الذكرى” بما تحمل، وحتمًا فإن هذا لايقلل من قيمة الرجل، ولا يفقده حقه من الاستمتاع بالجلوس في مقهى رصيف إذا كانت درجة حرارة الشارع تسمح.

يحدث هذا في كل عواصم عالم يسمونه “العالم الاول”، وهو يستحق هذه التسمية مادام رئيس وزرائه يستعيد مواطنيته وحياته العادية دون أن تضطر الأمّة إلى “شحطة”، ومن ثم قتله ليتخلى عن الكرسي الذي طالما ذهبت به الظنون بأن الكرسي واحد من زملاء قبره.

في بلد مثل لبنان، والسلطة فيه أقلّ تغوّلاً وأقل “ممانعة” من سواها من السلطات العربية، كنا كمواطني دول “العسكر” نحلم بأن نكون على مثالها، رئيسها يواجه برلمانها، وبرلمانها تحت خبطات صحفها، ولا كبير فيها سوى “الجمل”، غير أن الحال اليوم تغيّر، فالرئيس القادم من صفوف العسكر، سيعود إلى عسكرته “جنرالاً” كل أهليته مستمدة من “التعطيل” وكان قد اختبر بالإنجاز فلم ينجز ليفوز بالتعطيل.

اليوم، ونعني بعد كمشة أيام ستنتهي ولاية الجنرال، وبما أنه لايقدر على البقاء في قصر بعبدا تبعًا للدستور، فلن يغادر قصر بعبدا، فكيف يستقيم هذا الكلام؟

ـ سيغادر ولن يخرج؟

نعم يستقيم، فهو سيغادر القصر، وسيشتغل و “بالديمقراطية” على شغور القصر من رئيس لاحق للقصر، فكتلته البرلمانية كما هو، كتلة معطّلة، ويكفي أن تحجم الكتلة عن القبول برئيس جديد أو رئيس وزارة جديد، حتى تفرغ البلد من الرئيسين، وحتمًا لن يكون بوسع نبيه بري ومطرقته إملاء الشاغر لا هنا ولا هناك، وهو كذلك “رجل تعطيل” لا رجل إنجاز، وبالنتيجة يقع البلد في الفراغ، ومع الفراغ يستمر الانهيار، وتكون الفوضى، وللفوضى أنياب قد لاتبقي على لبنان ولا لبنانيين، والحنجلة واضحة ماقبل الرقصة، فهذا لبنان بلا مدرسة ولا مستشفى ولا إنارة ولا مواصلات ولا خدمات، ولم يتبق منه سوى جيش بات عاجزًا عن الوصول إلى ثكناته.

عجيبة هذه البلدان، فحكوماتها العسكرية تمسك بالكرسي بالحديد والنار، وبلدانها “الديمقراطية” تشهر سيف “التعطيل” ليغدو التعطيل سلاحًا يحل محل الهراوات والسجون، فتتوه البلاد وتغرق، وفي لبنان مثالاً  يتكرر اليوم مع العراق، وكلا البلدين “ديمقراطيين” وبأنظمة “برلمانية” دون نسيان:

ـ ديمقراطيين اجّلك الله.

بلدان،  المهنة الأقوى فيها مهنة:

ـ “معطّل”.

Exit mobile version