معروف عن الإيرانيين، أنهم يقشرون الفستق الحلبي بهدوء، بما يعني أنهم يفاوضون فالجماعة أبناء “البازار” وهو الضلع الثالث من مثلث “الحسينية / الحرس الثوري” ولهذا يماطلون في لعبة بمواجهة الأمريكان، ربما وصولاً إلى التهام طبق الفستق بكامله فيما الامريكان يتنازلون خطوة وراء خطوة حتى لايتبقى لهم خطوة إلى الوراء.
هي لعنة “جو بايدن”، أكثر رئيس مترهل عرفته الولايات المتحدة، وقد يحوّل بلاده إلى مترهلة تاخذ شكله، ما دفع الأوربيين للتدخل بالمفاوضات النووية، ولكن حتى اللحظة لم ينقذ الدب الأوروبي الكرم الامريكي، فمن يماطل الامريكان هو نفسه من يماطل الأوروبيين.
أيام طويلة وساعات طويلة من الجدل والتسريبات حول الضمانات التي طلبت إيران إدخالها على النص الأوروبي المقترح، من أجل إعادة إحياء الاتفاق النووي، والتي وافقت عليها الإدارة الأميركية، قطعت الأخيرة الشك باليقين.
كل المؤشرات تقول بأن الامريكان يقدمون التنازل وراء التنازل، غير أن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أدريان واتسون اكدت في وقت سابق أن التقارير عن تنازلات للعودة للاتفاق النووي خاطئة تماما.
ليس هذا ماتقوله الأخبار السابقة وقد تحدثت عن قائمة “تنازلات” فقد وافقت الولايات المتحدة على منحها لطهران في محادثات فيينا يتم تداولها بين دوائر من إدارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، تشمل رفع العقوبات عن 17 مصرفاً والإفراج الفوري عن أصول إيرانية في كوريا الجنوبية بقيمة 7 مليارات دولار، فضلاً عن تخفيف العقوبات عن 150 مؤسسة إيرانية وبيع 50 مليون برميل من النفط في 120 يوما وإلغاء ثلاثة أوامر تنفيذية ذات صلة بالرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
رغم هذا الجدل، يجمع العديد من المتابعين لهذا الملف وتصريحات المسؤولين الإيرانيين، على أن طهران تسعى إلى وضع ضمانات تحفظ مزايا الاتفاق إذا ما تم التوافق عليه قريباً، في حال انسحبت الولايات المتحدة مجدداً منه كما فعلت الإدارة السابقة برئاسة دونالد ترمب في 2018 معيدة فرض العديد من العقوبات.
المفاوضات النووية التي امتدت أشهراً كانت دخلت مؤخرا مرحلة حاسمة، قد تفضي قريباً إما إلى اتفاق يبصر النور، أو جولة أخرى من المماطلة.
ـ والمرجّح على الدوام “المماطلة”.
يحدث هذا فيما تعكف حاليا الأطراف المعنية، خصوصا بروكسل وواشنطن، على دراسة الردّ الذي تقدمت به طهران الاثنين الماضي على مقترح الاتحاد الأوروبي، الذي يهدف لإنجاز تفاهم أخير. وكانت المحادثات النووية انطلقت في فيينا بأبريل من العام الماضي 2021، إلا أنها توقفت في يونيو لتستأنف لاحقاً في نوفمبر، وتعود لتعلق ثانية في مارس الماضي، قبل أن تشهد حلحلة خلال الأشهر الأخيرة، بعد جهد أوروبي، وحرص أميركي على التوصل لاتفاق، لكن ليس بأي ثمن.
الكثير من المراقبين، بات على يقين، أن الإيرانيين الذين يجلسون على مائدة المفاوضات، هم غير الإيرانيين الذين يشتغلون في المفاعلات النووية الإيرانية، فالدبلوماسية البطيئة، يقابلها عمليات تخصيب سريعة، قد تفاجئ العالم بأن القنبلة النووية قد باتت في الخزائن الايرانية، بما يجعل المفاوضات مجرد لعبة لإضاعة الوقت، وكفّ البصر عما يحدث في أوعية تخصيب اليورانيوم.
خامنئي كان قد أقسم قائلاً بأن “العقيدة” تحرّم عليه إنتاج القنبلة، فمتى كانت الباطنية الإيرانية وفية لقسمها؟
للعالم مشكلتين اثنتين:
أولهما “اللعنة الإيرانية”، وثانيتهما “الولايات المتحدة” وقد تدحرجت من مركز للعالم إلى بلد محكوم بـ “جو بايدن”.
بايدن الرجل الذي يتعثر بظله وقد ورث دونالد ترامب، الرجل الذي لاظل له ليتعثر به.
هذه امريكا، ليست أمريكا جورج واشنطن، ولا امريكا آيزنهاور.
هي امريكا العجوز..
ليست اوروبا وحدها القارة العجوز، ففي نادي العجزة أمريكي اسمه “جو بايدن”.