
مرصد مينا
أعلن الرئيس أحمد الشرع أن سوريا دخلت رسمياً مرحلة جديدة من الانفتاح والبناء، بعد أعوام من الحرب والانهيار في ظل النظام السابق، مؤكداً أن هذا التحول التاريخي ما كان ليتحقق لولا وحدة الشعب السوري وصموده وتضحياته.
وفي خطاب وُصف بـ”التحولي”، بُث عبر محطة “الإخبارية”السوري مساء الأربعاء، بعد يوم واحد من قرار الولايات المتحدة رفع العقوبات عن سوريا، قال الشرع: “لقد مرت سوريا بفصل مأساوي في تاريخها الحديث، خسرنا فيه أرواحاً كثيرة، وشُرّد الملايين، وغُيّب الآلاف في سجون مظلمة، وانهارت مؤسسات الدولة، حتى باتت البلاد طاردة لأهلها، ومنعزلة عن محيطها والمنطقة والعالم.”
وأضاف أن النظام السابق تسبب في قطيعة بين سوريا ومحيطها العربي والدولي، مما جعلها غريبة عن تاريخها وهويتها الحضارية. لكنه أشار إلى أن نقطة التحول بدأت من إدلب، التي انطلقت منها شرارة التحرر، وبدأ فيها تشكل ملامح “سوريا الجديدة” تحت راية الثورة.
وشدد الرئيس الشرع على أن السوريين استعادوا حريتهم، واحتفلوا بتحرير بلادهم بمشاركة الشعوب الشقيقة، لافتاً إلى عودة روح الانتماء إلى المواطنين وتمسكهم بالدولة الجديدة.
كما استعرض أبرز منجزات المرحلة الانتقالية خلال الأشهر الستة الماضية، التي تضمنت الحفاظ على السلم الأهلي، وضبط السلاح، وتشكيل حكومة انتقالية، ولجنة انتخابية، وإصدار إعلان دستوري، وعقد المؤتمر الوطني، إضافة إلى إلغاء القوانين الجائرة، وتحرير السوق، وتقييم أداء المؤسسات، والانخراط في دبلوماسية نشطة لعرض وجه سوريا الجديد للعالم.
وأكد الشرع أن الدبلوماسية السورية كانت فاعلة ومؤثرة، إذ رفعت البلاد علمها مجدداً في الأمم المتحدة، وفتحت أبواباً كانت مغلقة لعقود، وأعادت بناء علاقات استراتيجية مع الدول العربية والغربية.
كما أشار إلى لقاءاته بقادة بارزين في المنطقة، على رأسهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي أبدى دعماً صريحاً لرفع العقوبات، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي وصفه الشرع بـ”الشريك الإقليمي” الذي وقف بجانب الشعب السوري “في أصعب الظروف”.
وأضاف أنه التقى أيضاً الشيخ تميم بن حمد أمير قطر، والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي”وكلاهما أبديا دعماً صادقاً لسوريا الجديدة”، كماقال الشرع.
إلى جانب قادة البحرين والكويت وسلطنة عُمان ومصر والأردن وليبيا والجزائر والمغرب والسودان واليمن والعراق، حيث وجه الرئيس السوري لتلك الدول الشكر لمساعدتها سوريا.
على الصعيد الدولي، أشار إلى لقائه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أبدى انفتاحاً تجاه إنهاء العقوبات، كما تطرق إلى دعم قادة أوروبا مثل ألمانيا، إيطاليا، وإسبانيا، بالإضافة إلى الموقف البريطاني الإيجابي.
لكن المفاجأة الأكبر، كما وصفها، كانت قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدعم رفع العقوبات، معتبراً ذلك موقفاً “شجاعاً وتاريخياً” أسهم في فتح أفق سياسي واقتصادي جديد أمام سوريا.
وأثنى الشرع على دور الجاليات السورية في الخارج، التي قال إنها لعبت دوراً محوريًا في التأثير على الرأي العام العالمي، ودعا السوريين المغتربين إلى التكاتف مع الداخل، لأن “وحدة القرار والانتماء هي رأس المال الحقيقي لسوريا الجديدة”.
وقال: “اليوم لا نحتفل فقط برفع العقوبات، بل بعودة الصدق إلى العلاقات بين الشعوب، وصدق المواقف بين القادة. إن وفاء الأشقاء والتفافهم حول سوريا هو ما أحدث هذا التغيير.”
ودعا الشرع رجال الأعمال والمستثمرين السوريين في الخارج إلى العودة والمساهمة في مشاريع إعادة الإعمار، مؤكداً أن الحكومة الانتقالية بصدد تطوير بيئة الاستثمار وتحديث التشريعات لتسهيل عودة رأس المال الوطني والأجنبي.
وأكد أن سوريا الجديدة لن تكون ساحة لصراعات النفوذ، ولن يُسمح لأي قوة بتمزيق وحدة البلاد أو إعادة إنتاج النظام القديم، مشدداً على أن “سوريا الجديدة لكل أبنائها، دون تمييز في الطائفة أو العرق، وأن التعايش هو جوهر الدولة”.
وتابع الشرع “الطريق لا يزال أمامنا طويلا”، مجدداً التزامه بالوحدة الوطنية، وتعهد بأن بلاده لن تسمح بعد الآن بأن تتحول إلى ساحة للصراعات الخارجية.
وقال “سوريا لكل السوريين، بكل طوائفهم وأعراقهم، ولكل من يعيش على هذه الأرض المباركة. التعايش هو إرثنا عبر التاريخ، والانقسامات التي مزقتنا كانت دوما نتيجة للتدخلات الخارجية، واليوم نرفضها جميعاً”.
وختم بقوله: “لقد علمتنا المحن أن قوتنا في وحدتنا، وأن طريق النهوض لا يُعبد إلا بالتكاتف والعمل الجاد. لن ننسى شهداءنا وجرحانا، وسيكونون حاضرين في كل خطوة نحو المستقبل”.
وسبق الخطاب مقابلة جمعت الرئيس السوري بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في السعودية. وكان الرئيس الأميركي قد أعلن، يوم الثلاثاء عن رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا.