مرصد مينا – مالك قاووق
تتعاقب التصريحات ورود الفعل، بشأن الاحداث المتلاحقة، بعد سقوط صاروخ بالقرب من مفاعل “ديمونه” الاسرائيلي في صحراء النقب، صاروخ وصفته إسرائيل بـ”الطائش” أو “المنزلق”، ليرد الجيش الإسرائيلي سريعاً بضرب عدد من الأهداف في محيط العاصمة السورية دمشق.
الجيش الإسرائيلي أكد أن “صاروخا طائش من طراز أرض-جو، أطلق من سوريا وسقط في منطقة بعيدة عن مفاعل ديمونة النووي في صحراء النقب، دون أن يؤدي إلى أضرار”. لافتاً إلى أنه “هاجم بطاريات صواريخ في سوريا ردا على سقوط صاروخ أرض جو أطلق من داخل سوريا، باتجاه مفاعل ديمونة وسقط في منطقة التجمعات البدوية بالنقب دون أضرار”.
صاروخ طائش..
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي قال إنه “لا توجد إصابات أو أضرار نتيجة الضربة الصاروخية السورية الطائشة في جنوب إسرائيل”، موضحاً أن “الصاروخ السوري الطائش لم يصب مفاعل ديمونة ولم يقترب منه، وتم العثور على شظايا للصاروخ في منطقة رمات نيغيف وسط النقب”.
بدورها، أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية/ سانا/ أن “الدفاعات الجوية في الجيش العربي السوري تصدت فجر اليوم الخميس لعدوان إسرائيلي بالصواريخ في محيط دمشق، وأسقطت معظم الصواريخ المعادية”. لافتة إلى أن “الهجوم أدى إلى جرح 4 جنود ووقوع بعض الخسائر المادية”، فيما أشار مصدر عسكري سوري منشق عن النظام إلى أن “الضربات الإسرائيلية استهدفت مواقع قرب بلدة الضمير التي تقع على بعد حوالي 40 كيلومتراً شمال شرقي دمشق وتوجد فيها جماعات مسلحة مدعومة من إيران” مؤكدا أن إسرائيل استهدفت المنطقة مراراً في هجمات سابقة”.
رسالة إيرانية..
مصادر إسرائيلية أكدت أن “الصاروخ كان يحمل رأسا يزن نحو 200 كيلوغرام من المتفجرات، وهو من نوع من طراز “إس.إيه-5″، بينما شككت مصادر إيرانية بالرواية الإسرائيلية ووصفتها بالمضحكة.
مصدر عسكري لفت إلى أن “الصاروخ السوري الطائش كان من طراز إس.إيه-5 وهو واحد من عدة صواريخ أُطلقت على طائرات الجيش الإسرائيلي، وأنه لم يصب المفاعل وسقط على بعد نحو 30 كيلومتراً عنه” فيما سمع صوت الانفجار بحسب وسائل إعلام على بعد حوالي 90 كيلومتراً شمالي ديمونة قبل دقائق من تغريدة للجيش قال فيها إن صافرات الإنذار انطلقت في المنطقة.
إيران دخلت على خط التعليقات على الحدث إذ قالت وسائل إعلام إيرانية رسمية أن “ما جرى قرب مفاعل ديمونة رسالة لإسرائيل بأن مناطقها الحساسة ليست محصنة، وكان بإمكان الصاروخ أن يتابع طريقه إلى المفاعل، لكن صناعة كارثة ليس مطلوبا”.
في السياق الايراني، أشارت معلومات لم يتم التحقق من دقتها أن “الصاروخ من نوع (فاتح 110)، وهو قادر على حمل رؤوس متفجرة، والصاروخ هو من نوع أرض-أرض وليس أرض-جو كما ذكرت الرواية الإسرائيلية”.
ونقلت منصات تابعة لميليشيا “الحرس الثوري” على مواقع التواصل، أن “جماعات المقاومة في المنطقة نفذت عمليات هامة واستراتيجية متزامنة ضد إسرائيل والسعودية، ليلة أمس، مشيرة إلى أن “انفجار قرب مفاعل ديمونة وهجوم بالطائرات المسيرة ضد قاعدة الملك خالد الجوية في خميس مشيط”.
بدورها، لفتت وكالة “رجا نيوز” الإيرانية إلى أن “الصاروخ أطلق من داخل الأراضي السورية على بعد 200 كم من مفاعل ديمونة الإسرائيلي، ونفذ باستخدام صاروخ “فاتح 110” دقيق الإصابة، والذي يصل مداه 300 كم”.
وذكرت الوكالة أن “صاروخ (فاتح 110)، هو صاروخ باليستي “أرض – أرض” يعمل بالوقود الصلب، ومزود برأس حربي قابل للانفصال، والمدى الذي يتمتع به الصاروخ (300كم) يعني أنه قادر على طي مسافة أبعد من المنطقة التي سقط فيها”. مشيرة إلى “احتمال سقوط الصاروخ بسبب عطل فني أو بسب نفاذ الوقود أمر غير وارد”.
وفي سياق متصل، قال الكاتب والمحلل الإسرائيلي “إيلي نيسان”: إن “عملية إطلاق الصاروخ قد تكون خطة معدة سابقا من قبل إيران، لاستغلال الضربات الإسرائيلية في سوريا” موضحاً أن “إيران لديها دوافع للانتقام بعد الهجوم على منشأة نطنز النووية قبل أكثر من 10 أيام”.
يشار إلى أن مصادر استخباراتية أمريكية، كشفت عن تفاصيل جديدة حول الحادث الذي تعرضت له منشأة نطنز النووية الإيرانية الأسبوع الفائت، مشيرة إلى أنه” قد يعيد إيران للخلف عدة أشهر من حيث قدرتها على تخصيب اليورانيوم، و
الدمار الذي لحق بالمنشأة، شكل ضربة قوية لقدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، وأن استعادة طاقة نطنز قد تستغرق 9 أشهر على الأقل”.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، لم يتسن التأكد من صحته، لـ”الصاروخ الطائش” الذي انطلق من الأراضي السورية تجاه الجنوب الإسرائيلي، ويظهر مقطع الفيديو سقوط مقذوف ولحظة انفجاره داخل ما يفترض أنها أراضي إسرائيلية.
بينما، تشير وسائل الإعلام الإسرائيلية منذ أسابيع إلى تعزيز الدفاعات الجوية حول مفاعل ديمونة وميناء إيلات المطل على البحر الأحمر تحسبا لهجوم محتمل بصاروخ بعيد المدى أو بطائرة مسيرة، تشنه قوى تدعمها إيران.
إعادة تموضع وتهديد..
بعد الاستهداف الإسرائيلي لمحيط دمشق، أكدت مصادر حقوقية، أن “ميليشيا الحرس الثوري الإيراني، نقلت صواريخ إيرانية الصنع من مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، إلى مواقعها في مدينة الرقة”. لافتة إلى أن “الصواريخ أخرجت من ضمن الأسلحة المخزنة داخل أقبية قلعة الرحبة الأثرية بمحيط الميادين غرب الفرات، وعمدت إلى تحميلها ضمن شاحنة تجارية مخصصة لنقل الخضار والفاكهة بغرض التمويه”.
المصادر الحقوقية كشفت أنّ “الشاحنة توجهت إلى أوتوستراد الميادين-دير الزور، ومنها تابعت طريقها إلى مناطق نفوذ الميليشيات الموالية لإيران في ريف الرقة الشرقي، دون معلومات عن أهداف عملية النقل”.
ونقلت وكالة روتيرز اليوم الخميس، عن مسؤولون أمنيون غربيون، أن “إسرائيل تستهدف مواقع إيرانية لصناعة الصواريخ في سوريا.
وكالة “رويترز” نقلت عن أمنيين غربيين لم تذكر هوياتهم، قولهم، إن ضربات إسرائيل في سوريا تستهدف مواقع صنع صواريخ إيرانية، مؤكدين أن “إيران تتعاون مع النظام السوري لإنتاج صواريخ في مواقع تحت الأرض، بالإضافة إلى تطور صواريخ بعيدة المدى”.
وكشفت المصادر أن “إسرائيل تستهدف اختراق إيران للبنية التحتية العسكرية في سوريا، مؤكدة أن “إسرائيل لا تهتم بضرب كل الأهداف بسوريا إلا ذات الأثر الاستراتيجي”.
الرد الإيراني لم يتأخر، اذ هدد قائد في الحرس الثوري الإيراني، إسرائيل اليوم الخميس، بالميليشيا التابعة لطهران والقريبة من حدودها، فيما أفادت مصادر عسكرية إسرائيلية بأن “تل أبيب ستوسع نطاق ضرباتها لأهداف استراتيجية إيرانية في سوريا”.
القائد في الحرس الثوري الإيراني العميد فلاح زاده، أضاف “لدينا أذرع عسكرية في مختلف أنحاء العالم، ويجب أن يعلم الكيان الصهيوني المغتصب أن فصائل المقاومة موجودة في جميع أنحاء العالم بجوار مقراتكم الرئيسية”.
يشار أن فلاح زاده تولى منصب نائب قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الاثنين الماضي، إثر وفاة العميد محمد حجازي.
تلميع الأسد..
رغم أن العمليات العسكرية الإسرائيلية محدودة ومؤقتة ضد نظام الأسد، وتستهدف المناطق التي تتمركز فيها الميليشيات الإيرانية وعناصر الحرس الثوري الإيراني، كان موقف نظام الأسد الرسمي واضحاً ويندرج دائمًا تحت عنوان “الاحتفاظ بحق الرد” لتجنيب المنطقة أتون حرب قد لا تبقي ولا تذر.
يتساءل المتابعون هذه المرة، كيف يتجرأ نظام الأسد على فعلته تلك التي قد تجر “إسرائيل” إلى حرب مفتوحة معه وهو ليس في موقف يُحسد عليه عسكريًا ليخوض حربًا مع الانهيار شبه التام لقواته العسكرية وخسارته لعشرات الآلاف من جنوده.
ويشير المراقبون أن “اطلاق الصاروخ ما هو إلا مسرحية لتلميع صورة بشار الأسد، مع اقتراب قدوم الانتخابات الرئاسية، كي يظهر بمظهر المقاوم والممانع”. مشددين على أن الجوقة الإعلامية التابعة لنظام الأسد أو الإعلام الحليف له الممول من إيران ستعمل لإعادة تلميع صورة الأسد أمام مؤيديه ومناصريه، اذ تنظر إسرائيل للنظام الحاكم في دمشق على أنه عدو في العلن وصديق في السر، وبشار مثل أبيه محبوب من إسرائيل، ،يستحق بالفعل حتى الآن لقب ملك إسرائيل”.
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية وصفت تصريحات “بشار الأسد” بالعنترية، بينما أكدت صحيفة “هاآرتس” في وقت سابق “أن تصريحات النظام السوري ضد إسرائيل ليست سوى مُجرد شعارات للاستهلاك المحلى، لكسب الرأي العام الداخلي، ورغم زعمه بعدائه لإسرائيل لم يقم بأي أعمال عسكرية ضدها”.
يذكر أن إسرائيل في الأشهر الأخيرة صعدت من وتيرة استهدافها لمواقع عسكرية تقول إنها تتبع قوات إيرانية ومجموعات موالية لها في مناطق سورية عديدة، ونادراً ما تؤكد إسرائيل تنفيذ ضربات في سوريا، لكن الجيش الإسرائيلي ذكر في تقريره السنوي أنّه قصف خلال العام 2020 حوالى 50 هدفا في سوريا، من دون أن يقدّم تفاصيل عنها.