مرصد مينا
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” اليوم الأربعاء مقالاً لديفيد إغناطيوس يتناول الجهود الأمريكية السرية للتوصل إلى صفقة مع النظام السوري بقيادة بشار الأسد، بهدف الحد من تدفق الأسلحة إلى “حزب الله” في لبنان.
ووفقا للكاتب فقد كان الهدف من هذه المفاوضات تقليل خطر تصاعد النزاع في المنطقة، خاصة في ظل الدور المستمر لإيران وروسيا في دعم نظام الأسد.
لكن هذه الجهود شهدت عرقلة غير متوقعة نتيجة للتقدم السريع لقوات المعارضة السورية في شمال وغرب البلاد.
دول عربية شاركت في المفاوضات
وأشار إغناطيوس إلى أن دولاً عربية، خاصة من الخليج، كانت جزءاً من هذه المفاوضات، حيث سعت إلى إقناع بشار الأسد بتخفيف علاقاته مع إيران مقابل تخفيف العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا.
إلا أن تقدم المعارضة السورية السريع، خاصة بعد استيلائها على مدينة حلب ثاني أكبر مدن البلاد، أربك هذه المفاوضات وأدى إلى تعثرها، ما يعكس تحولاً في المعادلات الجيوسياسية في المنطقة.
من جانبه، أعرب مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، عن القلق بشأن سيطرة مجموعات من المعارضة، خاصة “هيئة تحرير الشام” التي تصنفها واشطن كـ”منظمة إرهابية”، على مناطق واسعة في شمال سوريا.
رغم هذه المخاوف، أضاف سوليفان أن واشنطن لا تندم على موقفها تجاه نظام الأسد المدعوم من إيران وحزب الله.
محاولات عربية لإبعاد الأسد عن إيران
وأفاد الكاتب بأن العديد من الدول العربية “المعتدلة” كانت قد بدأت بالفعل الضغط على النظام السوري للابتعاد عن إيران بعد الهزائم العسكرية لحزب الله في لبنان.
وقال إن كانت هناك توقعات بأن الأسد قد يكون مستعداً للتخلي عن طهران مقابل تخفيف العقوبات، لكن بعد الهجوم الأخير للمعارضة أصبح رئيس النظام يعتمد على الدعم الإيراني بشكل أكبر.
أكد الكاتب بأن الهجوم المفاجئ للمعارضة على حلب وضع الأسد وحلفاءه في موقف صعب.
وأوضح أن الوسطاء العرب قد عرضوا على الأسد صفقة تقضي بطرد “حزب الله” من سوريا في مقابل تقديم الدعم السوري في منع وصول الأسلحة الإيرانية إلى لبنان. لكن الأسد رفض ذلك العرض، وطلب من المفاوضين بدلاً من ذلك المساعدة في تخفيف العقوبات الأمريكية.
ورغم الجهود المبذولة، لم يتم الكشف عن تفاصيل هذه المفاوضات أو كيفية تنفيذها.
استقرار هش في سوريا
وعلى الرغم أن النظام السوري كان قد بدأ في استعادة بعض الاستقرار خلال السنوات الأخيرة، إلا أن هذا الاستقرار كان هشاً ويعتمد بشكل كبير على الدعم العسكري من روسيا وإيران.
لكن مع تقدم قوات المعارضة، وخصوصاً بعد السيطرة على حلب، واجه النظام تحديات جديدة أثرت على قوته العسكرية وقدرته على استعادة السيطرة على المناطق المفقودة.
وفي الوقت الذي كانت فيه روسيا وإيران تدعمان بشار الأسد في مواجهة المعارضة، فإن الوضع العسكري في سوريا أصبح أكثر تعقيداً.
والأسبوع الماضي، شنت المعارضة هجمات مفاجئة في مناطق استراتيجية، وفرضت ضغطاً على النظام السوري في العديد من المناطق.
وتقول الصحيفة إن من بين الأسباب التي أدت إلى ذلك زيادة القصف من قبل قوات النظام السوري على مواقع المعارضة في إدلب، ما أتاح الفرصة للمعارضة لتحرك هجومي سريع.
هجوم المعارضة يقلب الموازين
وحاليا باتت المعارضة على تخوم مدينة حماة وسط البلاد، وفي حال السيطرة عليها فإن الطريق سيكون سالكا نحو حمص، وما بعد حمص ستكون دمشق، ما يعني أن هذا الهجوم قد يقلب الموازين رأساً على عقب على الأرض السورية.
ومنذ بداية المعركة بدا واضحا أن المعارضة تستمر في التقدم، في مقابل تراجع وانهيار لقوات النظام، وكذلك الميليشيات الإيرانية الداعمة له.
تعليقا على هذا يشير الكاتب في مقاله في صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن الوضع في سوريا لا يزال يثير قلقاً كبيراً في المنطقة، حيث تظهر علامات على تقلبات سياسية وعسكرية قد تغير معالم الصراع بشكل مفاجئ في سوريا التي تعاني من ويلات الحرب منذ 14 عاماً.