دفعت الأوضاع الإنسانية المتردية في الصومال الذي يشهد حرباً أهلية تدخلت فيها المنظمات الإرهابية منذ أكثر من ثلاثة عقود، بالصوماليين لإيجاد طريق لهم خارج حدود بلادهم أملاً بمستقبل أفضل، قطع الصوماليون مئات الأميال بحثاً عن مستقر جديد، البعض وصل إلى أوروبا بعد رحلة طويلة وشاقة عبَر خلالها الصحراء الإفريقية وصولاً إلى الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، من ثم خاضوه وصولاً إلى ما يعتقدون أنه “جنة أحلامهم”، بينما اختار عدد آخر الطريق الأقصر قاطعين مسافة أقل نحو الجارة اليمن، على الضفة الأخرى من البحر الأحمر.
وقال المتحدث باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في اليمن “بابار بالوش”: “يوجد ما يقرب من ربع مليون لاجئ في اليمن، يمثل الصوماليون 90% منهم، حيث إنهم موجودون في اليمن منذ ثمانينيات القرن الماضي، وتزايدت أعدادهم مع تدهور الأوضاع في الصومال وفرارهم إلى اليمن”.
وعاش الصوماليون في اليمن على المساعدات التي تقدمها منظمات الإغاثة والمؤسسات الأممية، كما أخذوا ينخرطون في المجتمع اليمني لعقود طويلة ويمارسون أعمالهم وحياتهم الطبيعية، حتى تدهورت أحوال اليمن أيضا بتتابع الصراعات السياسية واشتعال الحروب، وزادت معها معاناة السكان ومنهم الصوماليون الذين لم يكن أمامهم سوى التفكير في العودة للوطن على الرغم من ظروفهم الاقتصادية الصعبة.
وقال صوماليون عائدون إلى بلادهم: ” إن الحياة في اليمن قبل الحرب جيدة، وتعايشنا معها حتى إن بعضنا قد تزوج من يمنيات، وكثير من شباب اليمن تزوجوا صوماليات، وكدنا أن نستقر لولا اندلاع الحرب التي أنهكت حتى اليمنيين، وبتنا مهددين أكثر مما كان الوضع في بلادنا، الأمر الذي دفعنا للعودة”.
أدت المملكة العربية السعودية دوراً مهماً في مساعدة العالقين الصوماليين من أجل العودة لبلادهم وتقديم مساعدات إنسانية لهم وذلك من خلال مشروع إغاثة تبناه مركز الملك سلمان بالتعاون مع الوكالة الأممية المعنية بالهجرة، حيث تمكن بفضلها أكثر من 1500 صومالي من العودة لبلادهم، عبر دفعات.
وقد أعلنت منظمة الهجرة الدولية في اليمن في وقت سابق أنها نقلت 142 لاجئاً صومالياً إلى بلادهم من أصل 4100 يتم نقلهم على مراحل، وأفادت المنظمة في تصريح جديد مؤخراً أن العام الحالي شهد عشرة رحلات آخرها رحلة لإعادة 143 لاجئاً من جمهورية الصومال في اليمن إلى بلادهم، عبر ميناء عدن، جنوبي البلاد وذلك بمساعدة المنظمة الدولية للهجرة و المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، كما ساهمت جمعية الهلال الأحمر الصومالي ووزارة الصحة وإدارة الهجرة، والمجلس الدانماركي للاجئين في مساعدة العالقين الصوماليين على العودة للوطن وسط ترحيب كبير من ذويهم في الصومال.
وينتظر الصوماليون العائدون إلى بلدهم من حكومتهم أن تبذل المزيد من الجهد لتوفير الحياة الكريمة لهم، فمن الممكن استثمار هذه الطاقات العائدة إلى البلد بعد أن زاد اطلاعها في الخارج وكسبت المزيد من الخبرة والثقافة الجديدة.
مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي