مشهد عادي أن ترى جنرال إيراني كبير يدير معركة قمع انتفاضة العراقيين بمواجة المتظاهرين، ومشهد سيكون عاديًا حين نرى حرس حزب الله يواجهون منتفضي لبنان، وهو المشهد الذي لا أحد يستبعده، وإن كانت إرهاصاته قد شوهدت في النبطية يوم هاجم رعاع حزب الله المتظاهرين بالعصي والخناجر.
في بغداد، أو في لبنان، أو في كليهما، سيقولان بالفم لملآن، أن ثمة احتلال ايراني صريح، واضح، لعاصمتين عربيتين، وهو احتلال متحالف مع فساد أنظمة، إن لم تتحالف مع الاحتلال استرتيجيًا، فهي متحالفة معه، أقله في لحظة أن يخرج الناس إلى الشوارع بحركات تبدأ برغيف الخبز.
في لبنان، بات واضحًا أن الطبقة السياسية المتحكمة باقتصاد البلد وموارده، متحالفة مع حزب الله في مواجهة الناس المنتفضين، فانكشاف الفساد يعني الاطاحة بطبقة واسعة من حكّام البلد، وعند هذا المنعطف، لا بد وأن يتوحد المختصمون في مواجهة الناس، فالمواجهة في هكذا حال لا بد وأن تتحول إلى اولوية بعد تأجيل التناقضات التي ستبدو ثانوية أمام غضب الناس وتحديدًا بمواجهة الحركة الطلابية التي لم تتخندق في أي من خنادق الأحزاب التقليدية، منتج الطائفية اللبنانية، وهكذا بات الشارع اللبناني في مكان، والطبقة السياسية في المكان المقابل والنقيض.
وكذلك هو الحال في العراق، والذي فاجأ الجميع بأن الشريحة الأوسع من المنتفضين، كانت من شيعة العراق، الذين هتفوا بملء أصواتهم ضد إيران والتغول الايراني في البلاد، وهم الذين عانوا مرتين:
ـ مرة بوصفهم شيعة، وثانية بوصفهم مواطنون عراقيون.
ولابد أن حكم الملالي لن يكون سوى مقصلة لمجموع شعوب لمنطقة، بدءًا من نهب مواردها، وهذا مايحدث للعراق، وصولاً إلى إعاقة نمو مجتمعاتها والحاقها بالعالم المتمدن الذي يقف على طول الخط في الموقع النقيض للنظام الايراني الآتي من أدغال التاريخ.
في لبنان، وبلا أدنى شك، باتت الأرضية التي يقف عليها حزب الله أرضية مهتزة، وهذا مايقلق حزب الله، فجمهور هذا الحزب في المحصلة، هو جمهور جائع، أولاً وبرسم الموت في حروب ليست حروبه، وهو يدفع بالشباب الشيعي نحو معارك لن يذهب اليها بإرادته، وهو ما انكشف في التظاهرات اللبنانية التي رفعت أصوات شباب كانوا قبل أيام في صفوف هذا الحزب، وهاهو واحد منهم يوجه رسالة بالغة القسوة لحسن نصر الله يؤكد فيها أنه” ليس ذبيحة على مذبح الولي الفقيه”.
كلا الانتفاضتين، في بغداد وفي بيروت، انما هما انتفاضتين بمواجهة:
ـ الجوع والحرمان وفساد منظومة الحكم.
ـ وبمواجهة التغول الايراني، وهو الموقف الصريح الواضح، الذي لا التباسات فيه في العراق، وهو المسكوت عنه، وغير المعلن تأجيلاً للمواجهة في بيروت.
في بغداد أرسلت ايران حرسها الثوري لقمع الانتفاضات واستخدام الرصاص الحي، وكل الخوف أن تقدم في بيروت على ما أقدمت عليه في بغداد.
كلا الثورتين بمواجهة طهران.. تلك حقيقة لم يعد ثمة التباس فيها.
والناس بانتظار… ثورة طهران.
في طهران جوع، وفي طهران غيلان أرهقوا تاريخ ودم ولقمة الناس.
الطريق إلى ثورة طهران، يبدأ من بغداد.
مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©