العم سام وآخر مستجدات اللجنة الدستورية

أخيراً ضرب العم سام يده على الطاولة السورية؛ فالتزم الجميع بإرادته وأعلنوا توافقهم وموافقتهم على بدء أعمال اللجنة الدستورية من خلال مطالعة دي مستورا التي سيعلنها في العشرين من هذا الشهر؛ إذ سيعلن أسماء اللجنة الدستورية، ويسلم العصا الأممية إلى خلفه (جي بدرسون) الذي سيدير هذا الملف وفق الرغبة الأمريكية. هذا ما أكدته مصادر رسمية تركية وروسية؛ بأن الخلافات بينهما حول الثلث المحايد الذي هو حصة الأمم المتحدة قد سُوِّيت؛ وانتهت عملية تذليل العقبات حول ذلك. حصل ذلك كله بعد ضرب العم سام يده على الطاولة السورية؛ فقد صرح أن تلك المسألة قد آن أوان إنهائها من خلال طاقم أممي جديد يكون منسقاً لها بدلاً من دي مستورا؛ على الرغم من أن النظام حاول كثيراً تعطيلها؛ مستغلاً الخلاف التركي الروسي، وعلى الرغم من أن أصواتاً كثيرة من الشارع الثوري رفضت اللجنة الدستورية من أساسها. بحسب مصادر موثوقة حصل عليها مرصد مينا؛ فإن أسماء تلك اللجنة وطريقة عملها سيبلغها دي مستورا للأمم المتحدة في العشرين من هذا الشهر، وقد يسبق هذا الإعلان اجتماع لوزراء خارجية الدول الضامنة (تركيا وإيران وروسيا) في جنيف يومي 18و19 من هذا الشهر؛ ليعلنوا تفاهمهم على الفرقاء الثلاثة الذين سيتولون العمل في هذه اللجنة؛ إذ يبلغ عددهم (150) شخصاً للنظام ثلث وللمعارضة ثلث وللأمم المتحدة ثلث.

ستقسم إلى ثلاثة فرقاء كما أسلفنا؛ بالنسبة إلى فريق النظام البالغ عددهم (50) شخصاً فقد سلمت إيران أسماءهم إلى المبعوث الأممي، أما بالنسبة إلى فريق المعارضة فقد سلمت تركيا كذلك أسماءهم إلى الفريق الأممي. وقد تكوَّن فريق المعارضة من محاصصات كانت على الشكل الآتي:

وبذلك يكون عقد فريق المعارضة قد اكتمل بعد مباحثات طويلة حول الأسماء والجهات التي يمثلونها والدول التي يتبعون لها. أما فريق النظام؛ فقد تفاهم الإيرانيون مع النظام حول أسمائه من دون ضجيج. أهم المفاجآت أن اسم رندة قسيس لم يكن بين هؤلاء الخمسين، ولكن الخلاف الحقيقي لم يكن على فريق المعارضة إنما على فريق دي مستورا الذي أصبح اسمه اليوم فريق الأمم المتحدة.

كل تأخير حدث في إعلان أسماء اللجنة الدستورية إعلاناً نهائياً؛ كان سببه التوافق على أسماء الفريق الأممي الذي سيكوّن ثلث أعضاء اللجنة الدستورية؛ وهذا الخلاف كان بين إيران وروسيا من جهة؛ وتركيا من جهة أخرى، إضافة إلى خلاف الطرفين على صلاحيات دي مستورا في تحديد أسماء هذا الفريق.

في اجتماع آستانة الأخير (آستانة 11) ظهر الخلاف جلياً بين الدول الضامنة ودي مستورا وكذلك الإدارة الأمريكية حول تحديد أسماء هذا الفريق؛ إذ إنّ الروس والإيرانيين كانوا مصرين على أن تكون أغلبية هذا الفريق من المواليين للنظام؛ أما تركيا فقد عارضت ذلك؛ وتريد الأغلبية من المحسوبين عليها؛ حتى ضرب العم سام يده على الطاولة؛ وأعطى أوامره بانطلاق اللجنة الدستورية؛ لينصاع الجميع لرغبته؛ وليحصل التوافق سريعاً على أسماء الفريق الأممي؛ حتى لا يغضب ويخلط أوراق الدول الضامنة العاملة لمصلحتها الخاصة، فأعلِن في يوم 13 كانون الأول/ ديسمبر التفاهم التركي الروسي مع دي مستورا حول أسماء هذا الفريق.

حصل التفاهم على أن يُقسَّم الفريق الأممي المسمى سابقاً بفريق دي مستورا إلى ثلاثة أقسام:

الآن جرى الاتفاق على (17) مرشحاً يمثلون إيران وروسيا وهم أقرب إلى النظام؛ وقد حصل الروس على ذلك واتُّفِق على أسمائهم. وكذلك توافقت روسيا وتركيا على أسماء الـ(17) الذين هم أقرب إلى المعارضة، وجرى التفاهم بين دي مستورا والأتراك عليهم. في حين بقي فريق دي مستورا البالغ عددهم (16) . كان الروس قبل ضرب العم سام يريدون أن يكون لهم ثمانية أسماء من حصة دي مستورا؛ لكنه رفض الرغبة الروسية؛ وأغضب هذا الطلب الروسي العم سام حتى جعله ينعي مسار آستانة ويهدد بالعودة إلى مسار جنيف ليقوده بنفسه؛ ما دفع الدول الضامنة إلى الموافقة على رغبته وتراجعوا عن التدخل في أسماء فريق دي مستورا. يمكننا القول إن الفريق الأممي في هذه اللجنة المكون من (16) شخصاً سيكون بيضة القبان في هذه اللجنة الذي سيعلنها دي مستورا في مطالعته يوم 20 من هذا الشهر؛ ثم يسلم الملف إلى خلفه (جير بيدرسون) الذي سيختار الوقت الملائم في العام المقبل ليعلن بدء أعمال اللجنة الدستورية. وستتولى الإدارة الأمريكية إدارة هذه اللجنة من خلال ممثلها (جيفري) والمبعوث الأممي الجديد (بيدرسون) المحسوب عليها.

لم يكن النظام موجوداً أبداً في هذه التفاوضات ولا المعارضة علماً أنهم (أم الصبي) إنما كانت الدول الضامنة هي من يفاوض، والمعارضة والنظام لا حول لهم ولا قوة. مع العلم أن النظام كان معارضاً ومعرقلاً لبدء انطلاق أعمال هذه اللجنة حتى أرسل الروس إليه وفداً في الأسبوع الماضي وبلغوه أن يعلن موافقته؛ فالعم سام لا يعجبه أن يرفض أي طرف رغباته؛ وقد أعلن موافقته على بدء انطلاقة هذه اللجنة. وقد تفاهم الروس والأتراك على ذلك وأعلناه رسمياً. الملاحظ في هذه التفاهمات أن مجلس سوريا الديمقراطي لن يكون له دور في هذه اللجنة على الإطلاق وهذه رغبة تركية أمريكية روسية؛ ولكن بالتأكيد سيكون له دور في السلة الانتخابية. نلاحظ أن انطلاق أعمال هذه اللجنة يعني بأن العام 2019 لن يشهد شيئاً باتجاه السلة الانتخابية؛ ما يؤكد ما قيل سابقاً أنها لن تُفعَّل قبل عام 2020.

بقي أن نُذَّكر أنّ مهمات اللجنة الدستورية ستتركز أولاً في عملها على التوافق لإنشاء اللجنة المؤقتة البالغ عددها (50) تقريباً من الفرقاء الثلاثة المذكورين آنفاً، وتنحصر مهمتها في النظر في دستور عام 2012 ليكون قرارها فيه أحد ثلاثة:

يبقى الاحتمال الثاني هو المرجح. وستدخل المعارضة معركة مهمة مع النظام إنْ خسرتها فإن الدم السوري والدمار والتهجير والشتات قد ذهبوا هباء منثوراً؛ حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

Exit mobile version