مرصد مينا
ليست الأقمار الصناعية وتكنولوجيا الفضاء من يدل على قيادات الحرس الثوري العاملين في سوريا، إنها الاختراقات الأمنية الهائلة التي تمنح إسرائيل إحداثيات المكان والزمان والناس وتلتقط الأنفاس، أقلّه هذا لسان حال معظم السوريين الذين:
ـ يهابون النظام، فيما النظام مستباحاً أرضاً وسماء وحتى في غرف منامته.
هو ذا الحال، فما من زمن يطال أو يقصر، حتى تطال الصواريخ الإسرائيلية موقعاً ما من مواقع النظام، مرة لمركز أبحاث عسكرية كما حال “جمرايا”، وثانية ليطال القصف واحداً من أبرز قيادات الحرس الثوري وقد تحوّل إلى واحد من حكّام سوريا وراسماً لمصيرها.
ليس من البساطة استسهال اغتيال محمد رضى زاهي، وليس من البساطة استسهال مجموع الاغتيالات التي طالت قيادات من حزب الله في دمشق وأبرزهم عماد مغنية ، تماماً كما ليس من البساطة استسهال حزمة الاغتيالات التي لم تتوقف في دمشق كما في بيروت وصالح العاروري قد يكون أبرزهم، ومجمل الاغتيالات تشير إلى واحد من أمرين:
الاختراقات الأمنية التي لاحدود لها، أو “الخيانة”، وكلتاهما اثنان في واحد، يقول بالفم الملآن أن نظام دمشق كما حلفائه باتوا فعلياً “أوهى من خيوط العنكبوت”، على العكس من خطابات حسن نصر الله التي ظنّت بأن إسرائيل هي بيت العنكبوت، والسؤال مع كل اغتيال سيكون كالتالي:
ستة عقود وآل الأسد يحكمون سوريا، وعبر العقود الستة:
ـ لم ينجز النظام سياسة صحية تحمي الناس من الأوبئة.
ـ لم ينجز تعليماً يسمح لجامعات البلاد أن تتحول إلى جامعات رائدة.
ـ لم ينجز في المسألة الزراعية ما يزيد عن تصحير الأرض وتجفيف مواردها.
ـ لم ينجز قضاء مستقلاً محترماً يمكن للناس الاحتكام إليه.
ـ لم يمنح قطاع الصناعة على عراقته ما يزيد عن تخريبه.
وكل ما أنجزه والتفت إليه، ومنحه موارد البلاد هو جهاز أمني ظن السوريون أنه الجهاز الأمني الذي يلتقط دبيب النملة، او همسات الفراش للسوري الذي ينام مبكّراً.
مع سلسلة الاختراقات التي لم تتوقف، بات السؤال السوري:
ـ إذن ما جدوى أجهزة النظام الاستخبارية مادامت عاجزة عن حماية قيادات هي كل ما تبقّى من النظام لحماية النظام وقد باتت تخوض معركته بالنيابة عنه:
ـ معركته مع الناس، وحجم القتل الذي مارسته يفوق أيّ وصف أو اعتقاد، أقله وقد ارتكب بسلاح حزب الله والسلاح الإيراني؟
اليوم بات هذا هو سؤال السوري، مرة بشماتة، وثانية بالحزن على بلاد لم يتبقّ منها سورى إلاّ:
ـ وصاروخ إسرائيلي يتجوّل بكل الاطمئنان في سماء عاصمته، وهرواة نظام مهنتها الإجهاز على الصوت المعارض حتى ولو كان :
ـ لا إله إلاّ الله.
فـ الـ “لا” منوعة حتى في آذان الفجر أو مابعد الظهيرة.