القاضي بيطار كبير الرأس.. مطلوب رأسه

بسهولة، وربما بالعنجهية المعتادة، يهدد “وفيق صفا” وهو رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله، يهدد القاضي طارق بيطار الموكل اليه ملف انفجار (أو ربما تفجير) المرفأ في لبنان، وربما بالسهولة إياها، يأخذ حزب الله لبنان إلى “حرب أهلية”، الخاسر فيها كل اللبنانيين باستثنائه هو، الرابح على الدوام من مصائب لبنان.

ابتدأت الحكاية مع “تويت” نشره الصحافي ادمون ساسين، نقل عبره رسالة من وفيق صفا تحمل تهديدات للقاضي بيطار.. جزء من السياسيين اللبنانيين استغرب، وجزء آخر صدّق، وجزء ثالث بلع ريقه فلا هو بمستغرب ولا هو بمصدّق، اما الرأي العام اللبناني فانقسم بدوره، ليأتي دور المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات ويطلب من القاضي طارق بيطار اعداد تقرير حول ما يتم تداوله عن رسالة شفهية وصلته بالواسطة من وفيق صفا ما عزز الانطباع بوجود رواية معينة بهذا المعنى لم يعلن عن مضمونها بعد.

عدة كلمات على منصة التويتر أشعلت البلد الخارج لتوّه من نقاشات نيابية كانت اشبه بحروب على جبهات الاحزاب في ما بينها لتحل رواية صفا – بيطار كحرب في صلب هذه الحروب واشدها خطراً بالنظر الى حساسية الموضوع وتردداته على الساحة المحلية.

الشهود يقولون “شوهد صفا في قصر العدل”، ويتابعون “الذي ضج بالخبر الذي نشره ساسين وقال فيه ما حرفيته ان “حزب الله” عبر وفيق صفا بعث برسالة تهديد الى القاضي طارق بيطار مفادها: واصلة معنا منك للمنخار، رح نمشي معك للآخر بالمسار القانوني واذا ما مشي الحال رح نقبعك”.

اجابة بيطار كانت عبر تغريدة على تويتر: فداه، بيمون كيف ما كانت التطييرة منو”. وارفق تغريدته بهاشتاغ حمى الله البيطار.

غير أن كرة النار تكبر، بل باتت تهدد لبنان بكلييته، وكانت كتلة النار إياها قد تضخمت اكثر واكثر مع آخر خطاب للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وقد لعب في خطابه دور المحقق والقاضي والمقصلة، وفي لحظات أخرى “المجنى عليه”.

ومع خطابه كاد السؤال اللبناني يتمركز حول نقطة واحدة:

ـ هل نيترات العنبر 12 من مدخرات حزب الله حتى أخذت مخاوف أمينه العام هذا الاتجاه بما جعله يستبق التحقيق القضائي بضربة تشكك في نزاهة التحقيق وفي اتهامه بالتسييس؟ ام هو طوق نجاة لوزير حركة أمل علي حسن خليل، كاتم أسرار نبيه بري وشريكه في التوكيلات؟

وتداعت الحكاية، فهاهم وزراء حزب الله في حكومة ميقاتي يهددون بانسحابهم من الحكومة إذا لم يؤتى لهم برأس القاضي بيطار، وكذا حال وزراء حزب الله، والانسحاب من الحكومة يعني فيما يعنيه العودة الى الفراغ الحكومي الذي استمر لما يزيد عن السنة ومعه كان فلتان البلد، بكل معاني الفلتان.

واليوم، اجتمعت أحزاب السلطة على منبر واحد لاتهام القاضي بيطار كما لو ملحقين بحزب الله، تمامًا كما حدث لسلفه القاضي صوان وهو الأمر الذي يستدعي التساؤل:

ـ  إذا كان القاضي ضدهم ويزعجهم جميعاً على اختلاف ألوانهم، فمن هي الجهة السياسية التي تحرّضه إذاً؟

الرؤوس نفسها التي (طيرت) القاضي فادي صوان تشتغل على تطيير القاضي بيطار، أقله هذا ما يقوله ابراهيم حطيط المتحدث باسم أهالي ضحايا الانفجار، يعني مايقوله (ولي الدم)، لا أولياء الله على الارض، فحطيط المتحدث باسم أهالي الضحايا والذي فقد شقيقه ثروت في الانفجار، يشعر بقلق متزايد من احتمال تطويق التحقيق وكف يد القاضي طارق بيطار عن ملف التحقيقات، وخلق عراقيل تقود انفجار المرفأ إلى (ضد مجهول).

أهالي الضحايا ردوا على هذه الضغوط، وتصاعدت تحركاتهم والواضح أنهم لن يتراجعوا مهما علت التهديدات.

أكثر من سنة مرت على جريمة مرفأ بيروت، حدث هز العالم ولم يهز كراسي سياسيي الدولة المنكوبة، في حين ما زال التحقيق في الملف مستمراً، إنما من دون كشف حقيقة ما حدث فعلاً أو على عاتق من تقع المسؤولية، فإلى أي حد سيحارب القاضي بيطار في ظل كل هذه الضغوط والتهديدات التي يتعرض لها من المتهمين وآخرها طلب تنحيته؟

الحكومة اليوم عاجزة، فجماعة أمل / حزب الله وملحقهم التيار الوطني، يشتغلون على تفجيرها، وتعطيل حل هذه المشكلة سيتسبّب بتعطيل كل القضايا بدءًا من مشروع استجرار الغاز المصري، إلى ملف المشكلة المالية وضرورة تصفية المصارف المتسببة بسرقة ودائع الناس ومحاكمة المسؤولين عنها، إلى ملف ترسيم الحدود البحرية الذي يتطلب علاجاً سريعاً له، وصولاً إلى الملف الأكثر حساسية المتعلق بالاتفاق على التفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي لن يمر من دون اتفاق، ولو اقتضى الأمر هزة شعبية كبيرة جداً في البلاد، مع رفض مسبق لكل أفكار ميقاتي حول رفع الضرائب وتقليص القطاع العام وإعادة فتح ملف الخصخصة وحتى التفكير في استخدام الذهب أو تسييله لسداد الدين الخارجي قبل الداخلي… وبالنتيجة ستتحول قضية انفجار أو تفجير المرفأ إلى تفجير أشد هولاً، وهو تفجير البلد، كل البلد، وكل ذلك لسبب واحد لاسواه:

ـ وزير من حركة أمل، مصاب بالشبهة، وسؤال اللبنانيين اليوم:

ـ لو لم يكن علي حسن خليل، وزير أمل من بين من استدعاهم طارق بيطار الى التحقيق، هل كان حزب وحليفه حركة أمل  ليحدثوا كل هذا الضجيج؟

وزير كل ما يحيط به من تراث هو تراث الشبهات، قد ينقل لبنان من الانفجار الكبير إلى الانفجار الأكبر، ذلك هو الاحتمال الأكثر قابلية للتحقق، أقلّه كي لايسجل انفجار المرفأ “ضد مجهول”.

في هذه المعمعة من يستبعد رصاصة طائشة تأتي برأس القاضي بيطار، الموصوف بـ :

ـ كبير الرأس.

Exit mobile version