“الكلب لايعضّ ذيله” .. تدخّل يا الله

لنقلها دون التفاف ولا غموض :”المسألة السورية، لن تحل سوريًا” ولنزيد اكثر:”لن تحل إلاّ بتفاهمات دولية أطرافها واضحة موسكو، طهران، واشنطن”، ولنقل استطرادًا :” وإن لم تحل بالتفاهمات ما بين العواصم الثلاث، تحل بالحرب فيما بينهم وتسخين السلاح”.

أما عن حل سوري ـ سوري، أطرافه معارضة ونظام، فتلك مسألة بعيدة، أبسط أسباب ابتعادها، أنه لا النظام يقبل بأي تنازلات عن احتكار القرار السياسي في البلد، ولا المعارضة قادرة أن تتجسد في جسد تنتزع منه حقًا، والنظام مازال يستثمر في جسد المعارضة المتهالك.

بالنسبة للتفاهمات الدولية، بدا واضحًا أنها لن تكون اليوم، فالعلاقات مابين موسكو وواشنطن تقترب من الحرب الباردة، وهاهي موسكو تعضّ أصابع واشنطن، فإن لم تفلح في عضّها في أوكرانيا ستعضّها في سوريا، والمسافات تبتعد ما بين العاصمتين، بما يبدو استحالة العثور على طاولة تجمعهما إزاء المسألة السورية، وبالنتيجة، ستكون سوريا هي الملعب الذي تشتغل موسكو على ابتزاز واشنطن فيه عبر الاستيلاء على أهم نافذة من نوافذ المتوسط، فيما واشنطن تحارب موسكو بـ “القوات الكردية” في سوريا، واللعبة ستطول بين لاغالب ولا مغلوب، فالغلبة حين تستعصي التفاهمات تكون للسلاح، وليس من عاقل يفترض انتقال الحرب الروسية الأمريكية الباردة، إلى حرب ساخنة ما بين العاصمتين ليكون حل المسألة السورية عبر الخنادق، فسوريا اولوية ثانية بالنسبة للعاصمتين.

وحين تكون القصة مرتبطة بتفاهمات ما بين واشنطن وطهران، فالواضح من الصورة التي لابد ويكتنفها الكثير من الغموض، أن ملالي طهران يشتغلون على ابتزاز واشطن في ساحات تمتد من دمشق الى بغداد إلى اليمن ومن ثم لبنان، والرخاوة الأمريكية تعزز التشد الإيراني حتى يبدو للمراقب كما لو ان الصراخ أمريكي بات اليوم تحت الناب الايراني، وهذا بدوره سيعزز القبضة الايرانية على دمشق، دون خلو الساحة السورية من تفاهمات روسية ـ إيرانية، تزيح التناقضات مابين العاصمتين باتجاه تقاسم وظيفي، الخاسر فيه هم السوريون مستقبلاً وحاضرًا.

وسيضاف الى هذا وذاك، تلك التوترات مابين واشطن أنقرة، وآخرها ادانة الأمريكان للأتراك من بوابة التاريخ وعبر المسألة الأرمنية شديدة الحساسية بالنسبة، للأتراك ما يجعل بوابة التفاهمات التركية الأمريكية موصدة، لتشمل البوابات الموصدة سوريا، وتبتعد كلا العاصمتين عن البحث في حلول مشتركة إزاء سوريا.

كل تلك التناقضات سيكون حصادها لحساب النظام، النظام الذي لولا اللعب على التناقضات الدولية والاستثمار فيها، لما كان.

هذه مفردات اللوحة الدولية، وحين يأتي الأمر إلى سوريا  (السوريون)، فالسوريون اثنان:

ـ الأول هو النظام، وهو العصابة الصريحة التي تمتلك جسدًا لارهان على تفككه بتناقضاته، فمازال قادرًا على احتواء تناقضاته حتى تصح مقولة “الكلب لايأكل ذيله”، وكان قد راهن الكثير من السوريين على اختلاطات العائلة الواحدة ومن بينها حكاية آل مخلوف وجبهتهم على آل الأسد وقد انتهت إلى حيث ابتلاعها دون أن تحدث أية شروخ في بنية العصابة، والنظام وقد كان جاهزًا للتنازل إلى الأجنبي عن كل شيء، كان مصرًا معاندًا على الأخذ من السوريين كل شيء، وبالنتيجة لن يكون بوسعه تقديم أية تنازلات للمعارضة أو لعموم الناس، وصولاً إلى التنازل عن حصة الناس من الرغيف.

يقابل النظام معارضة متشظية، لارأس لها ولا ذيل، وحجم صراعاتها كـ “معارضة مقابل معارضة” هو أوسع وأكثر لؤمًا بما يقاس من صراعها مع النظام، حتى أنه يمكن القول وبلا أدنى تردد:

ـ يابخت هكذا نظام بهكذا معارضة، فهي معارضة تشتغل لنصرة النظام.

ما الذي يتبقى امام السوريين؟

يتبقى الاستعصاء.

وحده الاستعصاء في ما تبقى من المشهد السوري والناس يموتون وهم يطاردون الرغيف.. يطاردون علبة الدواء.

وأجهزة القمع تطاردهم وصولاً الى سرير النوم.

هذا إن تبقى لهم سرير.

ـ أية صورة قاتمة يواجهها السوري؟

لم يبق سوى القول:

ـتدخل يا الله.

Exit mobile version