ماذا تفعل الماشطة بالرأس الأقرع؟ هو مثل قديم يصح على اللحظة وعلى المعارضة السورية حصراً، فيوم اندلعت الثورة السورية، اندلعت تحت خيال تقديم النموذج البديل للنظام، ونعني النموذج الديمقراطي الوطني، الذي يعيد لسوريا الشراكة في الحكم، دون احتكار السلطة.
الثورات المظفّرة التي شهدها العالم وكانت مثلاً يمكن إحالتها إلى واحد من نموذجين:
ـ نموذج جنوب أفريقيا، وكان على رأسه نيلسون مانديلا، وقدّم (فيما قدّم) نموذج النزاهة، المثابرة، بل والتضحية والثورة في ذروة عقلانيتها وسلميتها.
والنموذج الجيفاري بما يحمل من خيال العدالة والحرية.
لا شهدت سوريا مانديلا، ولم تشهد جيفارا، وكل ما شهدته معارضات انتقلت من الرصيف إلى فنادق النجوم الخمسة وقد استحوذت المال والإعلام، ومن ثم اشتغلت على تمزيق بعضها بعضاً حتى باتت بلا جسد، فيما قدّمت “العرعور” نموذجاً، ومن ثم واجهت كل خطاب عقلاني بالتكفير والتهجير والإلغاء إن لم يتوفر لها سبب إبادته.
مجموع الدول العربية الخليجية حصراً قدمت للثورة كل وسائل الدعم من اللوجستي إلى المالي إلى الإعلامي، فتحوّل (ثوار الفندق) إلى (ثوار الكازينو)، فيما اشتد ساعد النظام بتحالفاته، واستطاع أن يرسم لنفسه جسداً واضحاً وصريحاً، وله عنوانه في المكان وفي السياسة، ومن ثم وبعد ارتكاب كلّ الآثام وقد تقاسمها مع المعارضة سجل نصراً، وهو نصر دام، أقلّ مايقال فيه (على الجثث)، وحدث هذا في الوقت الذي اختارت المعارضات مزيداً من التمزق، ومزيداً من ضياع الهوية، بل والمزيد من “محاكاة النظام” حتى استنسخت عنه ولكن بالنسخة المشوّهة، وهذا نموذجها في ادلب يحكي الحكاية، والحكاية كانت تغوّل هذه المعارضة في الفساد ومصادرة الحريات وبدماء الناس إن اقتضى الأمر، حتى باتت “جبهة النصرة” عنوان التجربة، وقد ابتدأت بـ “العرعور” وانتهت إلى “النصرة”.
واقع حال كهذا سيطرح السؤال:
ـ ماذا على حليفك أن يفعل إذا لم تكن مؤهلاً لتقديم النموذج:
ـ النموذج في الحكم أو النموذج في إدارة الصراع، بل وحتى النموذج الأخلاقي؟
سياسة الإنكار وإدارة الظهر للوقائع .. هذا كل ماحصل، أما الأثمان فلابد أن يعتذر الجحيم منها.
الماشطة لم تستطع تهذيب رأس الأقرع.