مرصد مينا – هيئة التحرير
للمرة الثانية، ولعدم اكتمال النصاب، أخفق المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان بإدارته الحالية “المؤقتة” و “الممدد لها”، في عقد جلسة الهيئة الشرعية التي من شأنها البت بطلبات الراغبين بالانخراط في سلك القضاء الشرعي الجعفري وتحديد موعد آخر مسابقة لتعيين الشرعيين، بسبب تغيب أعضاء من الهيئة الشرعية وعدم اكتمال النصاب، في مشهد يؤكد مجددا على الشرخ والخلاف الكبيرين داخل المنزل الشيعي في لبنان.
وكان مجلس القضاء الشرعي الأعلى قد أعلن عن مسابقة لتعيين ثمانية قضاة شرعيين جعفريين ترشح لها 41 رجل دين، وسط حديث عن تقاسم الثنائي الشيعي المتمثل بحزب الله وحركة امل محاصصة.
مصادر خاصة لـ”مرصد مينا” أكدت أن “خلافات ومحسوبيات تشهدها المنافسة على ترشيحات المحازبين والأقارب للمناصب القضائية الثمانية، بينما عزت مصادر أخرى السبب إلى “احجام الثنائي الشيعي وفتور رغبتهم، بتعيين المراكز الشاغرة في القضاء الجعفري عبر المباراة المذكورة، بسبب موانع قانونية أثارها مدير حوزة الإمام السجاد العلمية الشيخ “محمد علي الحاج العاملي” الذي تقدم بدعوى أمام مجلس شورى الدولة، لإبطال مع وقف تنفيذ مباراة قضاة الشرع الجعفريين، بسبب مخالفتها للقوانين ما يعرض الفائزين للطعن لاحقاً”.
يشار إلى أن مدير حوزة الإمام السجاد العلمية “محمد علي الحاج العاملي”، قد تقدم بشكوى عبر محاميه لدى مجلس شورى الدولة اللبنانية بداية نوفمبر الفائت، على كل من الدولة اللبنانية ممثلة بجانب رئيس هيئة القضايا في وزارة العدل، ورئيس مجلس الوزراء (بصفته سلطة الوصاية على مجلس القضاء الشرعي الأعلى، ومرجع المحاكم الشرعية)، إضافة إلى مجلس القضاء الشرعي الأعلى (بشخص سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية)، طالباً إبطال مع وقف تنفيذ مسابقة قضاة الشرع الجعفريين.
فضح المستور…
وكتب “العاملي” منذ بداية نوفمبر الفائت سلسلة مدونات بعنوان “الخلل القانوني ينخر المحكمة الجعفرية” تداولتها وسائل إعلام لبنانية، كشفت التجاوزات والمحسوبيات والمنافسة “غير الشريفة”، في محاولة للهيمنة على الشارع الشيعي واللبناني كاملا بكل مكوناته من قبل الثنائي الشيعي.
وفي آخر مدوناته أمس الأربعاء تخوف من عملية تزوير دون اجتماع الهيئة الشرعية، والذي عده طعنا إضافيا سيضاف إلى دعوته، في حال حصوله، وأشار في مدونة سابقة “للخلل الراهن في تركيبة مجلس القضاء الشرعي الأعلى”، الذي لا يعتمد مبدأ التوازن المفترض بين السنة والشيعة، بل حتى أنه لا يضم الدروز، في حين يشترك السنة والشيعة والدروز في صندوق تعاضد قضاة الشرع، كما لا يضم علويين، في حين لمجلس القضاة سلطة على العلويين أيضا”.
كما تناول “العاملي” في مدوناته الثراء الفاحش للقضاة، واصفا بعضهم بـ”حديثي النعمة”، وسعي الكثيرين لرفع السرية المصرفية عن قضاة المحاكم الشرعية، لا سيما مع انتشار الفساد في كامل بنية الدولة اللبنانية، فيما تطرقت مدونات أخرى إلى هيمنة السلطة السياسية متمثلة بالأحزاب على السلطة القضائية “الشيعية والسنية”، التي ينبغي أن تتوفر في قضاتها عدم التبعية الحزبية، الذين باتوا يفتون في السياسة، وأصبحوا تحت رحمة الساسة.
وأكد مدير حوزة الإمام السجاد العلمية، أن “الأحزاب السياسية استفادت من رحيل الشخصيات العلمية الكبيرة، ما أدى لأن تسيطر الاحزاب على الوسط الديني الشيعي، لدرجة ارتفع منسوب المعممين الذين يعملون في السياسة بطريقة أساءت للجسم الديني، وجعلته من ناحية تحت سطوة السياسيين، ومن ناحية أخرى جعلت علماء الدين يفقدون دورهم الروحي الرسالي الرائد”، وسط إغلاقهم لباب الاجتهاد “الذي يقاس به عمر الدين، وعمر العالم الديني يقاس بالاجتهاد لا بالسنوات” على حد تعبيره .
خلافات الثنائي الشيعي
ضاحكا “يعيّنهم نبيه بري ونأخذهم نحن”! هذا ما نقله موقع جنوبية منتصف الشهر الفائت عن أحد المشايخ المنتسبين لحزب الله والمعني بأمر المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى بعد جنوح مشايخ من المجلس نحو حزب الله.
ونقلت مصادر إعلامية أنه رغم محاولات رئيس مجلس النواب وزعيم حركة أمل “نبيه بري” مع الشيخ “قبلان” إصلاح المجلس، دخل حزب الله على الخط فجأة، وسرعان ما وجد فاسدين في الحزب ملاذا لهم، في حين وجد الحزب فيهم أدوات طيعة لخدمته في ساحة نفوذ جديدة كانت مقفلة بوجهه لصالح حركة أمل وزعيمها الرئيس بري.
وتفيد مصادر لـ”مينا” أن البعض من أصحاب المناصب يتوقعون غياب حركة أمل وتهميشها لاحقا، مع بروز قوة حزب الله مؤخرا المدعوم بالسلاح والأموال من قبل طهران، مما دعاهم إلى الانقلاب لصالح الحزب “الإيرا – لبناني”.
موقع جنوبية طرح مثالين عن خلاف الثنائي الشيعي تمثل بنائب رئيس المجلس الشيخ “علي الخطيب” بعد أن شبه بالناطق الرسمي باسم حزب الله في المجلس وخارجه، حتى أن بياناته السياسية فيها مزاودة من ناحية التهجم على خصوم حزب الله المحليين والدوليين بشكل يدعو إلى الشفقة، كمن يتوسل كل السبل من أجل مرضاة الاسياد، على حد وصف الموقع.
وكذلك “نزيه جمول”، مدير عام المجلس الشيعي، وأمين سره، ونائب رئيس مجلس الأمناء في الجامعة الإسلامية، الذي يجمع بين وظيفته في الدولة وعدة وظائف في القطاع الخاص، لما شعر أن إرادة الرئيس “نبيه بري” تتجه نحو تعيين بديلا عنه بعد بلوغه سن التقاعد منتصف العام الحالي، انقلب بتغيير ولائه نحو الأقوى “حزب الله”، وهو ما كان، “فإذ بالتمنيات أي (الأوامر) الحزبية السياسية والأمنية تتوالى على رئاسة المجلس الشيعي كي يستمر المدير العام الفذ بمهامه” على حد تعبير الموقع، وهو ما حصل عن طريق بدعة “التعاقد”، فتم التمديد له بواسطتها مدة 5 سنوات.
نبذة تاريخية..
في ظل الانقسام الطائفي بعد استقلال لبنان في العام 1943، جاء الإيراني “موسى الصدر” ومؤسس حركة أمل لاحقا إلى لبنان في سنة 1957، ليستقر فيه نهائياً سنة 1959، داعيا إلى تنظيم شؤون الطائفة الشيعية بمساندة بعض الشخصيات الشيعية في لبنان، أبرزهم “عبد الأمير قبلان”، داعين إلى الحاجة لتنظيم الطائفة ضمن مجلس يرعى أمورها، وهذا ما حصل حين أقر مجلس النواب اللبناني اقتراح إنشائه بتاريخ 16-5-1967.
وفي تاريخ 23-5-1969، انتخبت الهيئة العامة للمجلس الإمام “موسى الصدر” أول رئيس للمجلس، وبعد اختفاء “الصدر” في ليبيا برفقة الشيخ “محمد يعقوب” والصحافي “عباس بدر الدين” عام 1978، تولى رئاسة المجلس “محمد مهدي شمس الدين” إلى حين وفاته عام 2001، ويرأسه حاليا بالنيابة “عبد الأمير قبلان”، وله نائبان مدني وديني.
ويُعَد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى المرجعية الرسمية لدى الطائفة الشيعية في لبنان، وهو يتبع الآن رئاسة مجلس الوزراء في الجمهورية اللبنانية