المحتال التشيكي الذي باع برج إيفل

مرصد مينا – منوعات

أعادت صحيفة “لو باريزيان” الفرنسية الاضاءة على قصة فيكتور لوستيغ، المشهور بـ “روبرت في ميلر” الذي باع “برج إيفل”.

ولد لوستيغ عام 1890 في التشيك التي كانت تابعة آنذاك للإمبراطورية النمساوية المجرية، وعُرف بسرعة بديهته وقدرته على تعلم اللغات الأجنبية، وقد أتقن 5 لغات من بينها الإنجليزية والفرنسية.

حلم والداه بأن يصبح ابنهما محاميا أو دبلوماسيا، لكنه اختار أن يسلك طريقا آخر يقوده لتحقيق طموحاته في الثراء السريع. بدأ حياته كرجل عصابات على أرصفة باريس، واشتهر بندبة في وجنته اليسرى بسبب شجار في ملهى ليلي، ثم غير مجال نشاطه وأصبح يستهدف مسافري السفن الفاخرة التي تعبر المحيط الأطلسي، وتحديدا الأغنياء الباحثين عن الترف والترفيه. وعلى طاولات البوكر، سمحت له مهارته في الخداع بالحصول على الكثير من الأموال، وقبل أن يبلغ الـ30، أصبح من الأثرياء.

وفي 1914 اندلعت الحرب العالمية الأولى وتعطلت الرحلات العابرة للأطلسي، وهو ما حرمه من النشاط الذي كان يحصد منه أرباحا طائلة، لينتقل بعدها إلى الولايات المتحدة، حيث وأسس إمبراطوريته الخاصة ببراعة فائقة في الكذب الاحتيال. فتقمص شخصية شاب أرستقراطي أجبرته الحرب على الهجرة إلى الولايات المتحدة، وكانت ضحيته الأولى مصرفيا من كنساس. تظاهر لوستيغ بشراء مزرعة قديمة، ودفع للمصرفي دولارات مزيفة، قبل أن يجني 10 آلاف دولار حقيقية مقابل أذون خزانة مزورة.

وبفضل قدرته على حسن اختيار ضحاياه، جمع لوستيغ الكثير من المال في الولايات المتحدة قبل أن يعود مجددا إلى باريس، وينفذ هناك ضربته الكبرى في منتصف عشرينيات القرن الماضي.

ويحوم الغموض حول بداية القصة، لأن الضحية -وهو تاجر خردة يُدعى أندريه بواسون- لم يقدم أي شكوى ضد لوستيغ بعد تعرضه للاحتيال.

تقمص لوستيغ دور مسؤول مهم في إدارة البريد، ودعا بواسون و4 من تجار الخردة المعدنية لتناول طعام الغداء، وأكد لهم أن برج إيفل الذين يزن 7300 طن من المعدن، معروض للبيع.

وقد قرأ لوستيغ على مسامع ضيوفه مقالا يصف الحالة المتداعية للنصب التاريخي الذي أكله الصدأ ونبذه الجمهور، وادعى أن صيانة البرج ستكون مكلفة جدا، لذلك تقرر عرضه للبيع.

لوستيغ شدد على ضيوفه أن يتحلوا بأقصى قدر من السرية، لأن الرئيس الفرنسي دوميرغ وعددا قليلا من الوزراء فقط هم من يعلم بالأمر، ويمكن للصفقة أن تفشل إذا ذاع الخبر، ثم طلب منهم أن يقدموا عروضهم.

انطلت الحيلة على بواسون والتقى بلوستيغ مجددا لدفع المبلغ المتفق عليه وإتمام الصفقة، وعندما انتبه بواسون واكتشف أنه كان ضحية عملية احتيال، كان لوستيغ في طريقه إلى النمسا ليتمتع بالمبلغ دون خوف من الملاحقة.

لكن في غياب الحجج القانونية الكافية، لم يستطع بواسون أن يرفع دعوى قضائية، وكان بإمكان لوستيغ أن يعود إلى باريس مجددا وينفق المبلغ بأمان، وربما خطر له أن يعرض برج إيفل للبيع مرة أخرى.

عاد لوستيغ بعدها إلى الولايات المتحدة وتخصص في صنع آلات طباعة الدولارات المزيفة، ووقع في شباكه الكثير من الضحايا، قبل أن يُلقى عليه القبض عام 1935 بسبب التزوير، وزُج به في سجن ألكاتراز بخليج سان فرانسيسكو.

ورغم أنه قدّم عددا كبيرا من الطلبات لنقله إلى سجن آخر، فإنه بقي هناك حتى نقله إلى المركز الطبي ووفاته عن عمر ناهز 57 عاما، ويقال إن لوستيغ كان يضع على جدار زنزانته في كاليفورنيا بطاقة بريدية لبرج إيفل.

Exit mobile version