المركزي التونسي في مواجهة مع الحكومة.. قانون المالية التعديلي محفوف بالمخاطر

مرصد مينا – تونس

صرح محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي، صباح اليوم الأربعاء 28 أكتوبر 2020، في جلسة استماع عن بعد امام لجنة المالية بالبرلمان أن السيناريو المعتمد في مشروع قانون المالية التعديلي يحتوي على مخاطر عالية، سوف تنعكس على مستوى التوازنات الجملية بسبب الشراءات الضخمة لسندات الخزينة وغياب خلق الثروة وزيادة الطلب الاستهلاكي، متحدثا عن فجوة غير مسبوقة مع حاجيات تمويل داخلية هامة في وقت وجيز لسد عجز ميزانية الدولة .

واكد العباسي ان ارتفاع نفقات التأجير التي تجاوزت 19 ألف مليون دينار، امرا مقلقا، مذكرا بأن البنك المركزي قام بعديد التدخلات لضمان الاستقرار المالي وانخفاض التضخم الذي توقع مزيد انخفاضه إذا واصل البنك في نفس سياسته النقدية.
  

استقلالية البنك المركزي


وفيما يتعلق بالانتقادات الأخيرة التي طالت البنك المركزي، رد مروان العباسي بان استقلالية البنك المركزي لا تعني عدم التعاطي مع الحكومة، واعتبر بأن البنك المركزي يتعامل بشكل يومي مع وزارة المالية، لكن الإطار القانوني لا يسمح للمركزي بتمويل خزينة الدولة بشكل مباشر.

وقال إنّ اعتبار البنك يرفض معاضدة الدولة في مواجهة الأزمة كلام مغلوط، موضّحا أنّ البنك يرفض تطبيق إجراءات تزيد من تعميق الأزمة وقد تمس من قوة التونسيين، وفق تعبيره، مذكرا بحصيلة شراء سندات بلغت 41 % في 23 أكتوبر 2020.

وكان البنك المركزي قد اصدر امس الثلاثاء 27 أكتوبر 2020 بلاغا ، حذر فيه  من أن طلبات شراء أذون الخزينة لتمويل عجز ميزانية الدولة له انعكاس  كبير على الاقتصاد وعلى التضخم وضغط على السيولة، مؤكدا أنه ملتزم بمعالجة التضخم.

وطلب،  في نص البلاغ، بالتحكم في تأثير اللجوء المفرط للتمويل الداخلي على استقرار الاقتصاد الكلي، والتأثيرات المباشرة وغير المباشرة على مستوى التضخم وعلى الحجم الجملي لإعادة التمويل.

وقال إن الطلب على شراء أذون الخزينة  يزيد من المزاحمة المحتملة لتمويل القطاع الخاص، إضافة إلى إمكانية اختلال التوازن الخارجي وتدهور قيمة الدينار.

وأكد أنه سيظل ملتزماً بالمهمة التي كرسها له المشرع، وهي الحفاظ على استقرار الأسعار والإسهام في تحقيق الاستقرار المالي طبقا للقانون المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي. واعتبر البنك المركزي أن مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2020 سجل عجزا يفوق بكثير تداعيات الأزمة الصحية لـكوفيد-19، ليبلغ مستوى غير مسبوق قدر بـ13.4% من الناتج المحلي الإجمالي. 

وأكد أن العجز يتطلب جهودا كبيرة لتعبئة الموارد المالية الضرورية لتمويله في فترة زمنية قصيرة للغاية، وفي ظرف يتسم بصعوبة الولوج للسوق المالية العالمية، خاصة مع تدهور التصنيف السيادي لتونس وارتفاع  الكلفة بهذه السوق، تبعا لشح السيولة من جراء تأثير الأزمة الصحية على مديونية الدول وعزوف المستثمرين الدوليين عن المخاطرة في اقتصادات الأسواق الناشئة. 

ضغط على السيولة

ولفت إلى أن الحكومة ستكثّف اللجوء إلى التمويل الداخلي الذي سيصل إلى 14.3 مليار دينار في مشروع قانون المالية التعديلي، مقابل 2.4 مليار دينار حسب قانون المالية الأصلي، وهو ما ستكون له تداعيات سلبية على التوازنات الاقتصادية.

واعتبر أن مشاركة القطاع البنكي في هذا الجهد لتعبئة الموارد عبر الاكتتاب في إصدارات الخزينة من شأنه أن يسلط مزيدا من الضغوط على السيولة، وبالتالي مزيدا من اللجوء إلى إعادة تمويل البنك المركزي.

وتجدر الإشارة الى ان وزير الاقتصاد والمالية علي الكعلي، كان قد صرح خلال الأسبوع الماضي، ان البنك المركزي التونسي سيكون طرفا مباشرا في تمويل الموازنة لأول مرة في تاريخ البلاد، وذلك في إطار خطة لتعبئة موارد بقيمة 10 مليارات دينار (3.6 مليارات دولار) لردم فجوة في موازنة 2021، مشيرا إلى أن الحكومة تبحث عن طرق تقنية تمكن البنك المركزي من شراء سندات الدولة، باعتبار أن قانون البنك لا يسمح بشراء ديون الدولة مباشرة.

وأفاد وزير الاقتصاد والمالية بأن شراء البنك المركزي لأذون الخزينة إجراء معمول به في عدة دول أوروبية وعربية، وهو يندرج ضمن الحلول غير الكلاسيكية التي يمكن اللجوء إليها زمن الأزمات.

وتتجه تونس نحو اقتراض 5 مليارات دينار (1.8 مليار دولار) من صندوق النقد والبنك الدوليين لتمويل موازنة 2021، وذلك من جملة 16.9 مليار دينار (6 مليارات دولار) من الديون الخارجية تحتاجها البلاد لتمويل ميزانية الدولة.

Exit mobile version