المسيّرات تشعل شرق السودان.. “الدعم السريع” تصعّد ضرباتها على معاقل الجيش

مرصد مينا

شنت قوات “الدعم السريع”، اليوم الخميس، موجة جديدة من الهجمات باستخدام الطائرات المسيّرة على مناطق خاضعة لسيطرة الجيش السوداني، في تصعيد مستمر لليوم الخامس على التوالي، ما تسبب بحالة من الهلع وفرار جماعي للمدنيين من مدينة بورتسودان، التي تتخذها الحكومة مقراً مؤقتاً لها.

وقالت مصادر عسكرية لوكالة الصحافة الفرنسية إن الهجمات استهدفت القاعدة البحرية الرئيسية شمال مدينة بورتسودان (شرق السودان)، المعروفة باسم قاعدة “فلامينغو”، بالإضافة إلى مستودعات وقود في مدينة كوستي الواقعة جنوب البلاد. وسمع دوي انفجارات في محيط القاعدة بعد استهدافها بمسيّرات هجومية.

ووفقاً لمصادر في الجيش، فقد استُهدفت خلال الأيام الأخيرة عدة مواقع استراتيجية في بورتسودان، المدينة التي كانت حتى وقت قريب في منأى عن الصراع الدائر في البلاد منذ اندلاعه في 15 أبريل 2023 بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات “الدعم السريع” بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”.

وذكر المصدر العسكري أن “المسيّرات عاودت الهجوم على قاعدة (فلامينغو) البحرية شمال بورتسودان”، مشيراً إلى أن هذه الهجمات باتت تستهدف بشكل مباشر البنية التحتية المدنية والعسكرية في المدينة، بما في ذلك المطار المدني الوحيد العامل، محطة الكهرباء، ومستودعات الوقود، والميناء الرئيسي.

وفي كوستي بولاية النيل الأبيض، أشار مصدر عسكري إلى أن ثلاث طائرات مسيّرة أصابت مستودعات الوقود التي تزوّد الولاية، ما أدى إلى اندلاع حرائق ضخمة، دون تسجيل إصابات حتى الآن.

وفي بورتسودان، التي تُعد مركزاً حيوياً للمساعدات الإنسانية وتضم وكالات الأمم المتحدة وآلاف النازحين، أفاد الجيش بأن دفاعاته الجوية أسقطت 15 طائرة مسيّرة خلال الساعات الماضية، بعضها كان يستهدف مواقع حساسة داخل المدينة.

ونتيجة لهذا التصعيد، شهدت محطة الحافلات الرئيسية في المدينة ازدحاماً شديداً، حيث توافد المدنيون الراغبون بالمغادرة.

وقال محمود حسين، موظف في شركة حافلات، إن “جميع التذاكر محجوزة، ولا يمكن الحصول على مكان دون حجز مسبق قبل يوم على الأقل”.

من جانبه، قال أحد الفارين، ويدعى حيدر إبراهيم، إنه قرر الرحيل جنوباً مع عائلته بعد أن أصبحت المدينة مغطاة بالدخان، وأوضح قائلاً: “زوجتي تعاني من الربو، ولا خيار لدينا سوى المغادرة”.

وأشار سكان محليون إلى أن العديد من الذين لجؤوا سابقاً إلى بورتسودان بعد نزوحهم من مناطق أخرى في السودان، اضطروا مجدداً إلى الفرار مع تصاعد الهجمات.

كما ارتفعت تكاليف النقل بشكل كبير بسبب النقص الحاد في الوقود، حيث قال سائق “توك توك” يُدعى عبد المجيد بابكر: “نضطر الآن لشراء الوقود من السوق السوداء”.

وفي مدينة كسلا الواقعة شمال شرق البلاد، أفاد شهود عيان بتحليق طائرات مسيّرة فوق المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش، مع سماع إطلاق نيران من المضادات الجوية.

وأدانت “الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)”، المؤلفة من ثماني دول في شرق أفريقيا، هذه الهجمات ووصفتها بأنها “غير مقبولة”، مطالبة بوقفها فوراً.

وقال السكرتير التنفيذي لـ”إيغاد”، وركنه غبيهيو، في بيان رسمي: “أي هجوم على هذا المركز الحيوي سيزيد من معاناة السكان ويُعقّد عمليات إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة”.

وتثير هذه التطورات مخاوف كبيرة من تأثير الهجمات على قدرة المنظمات الإنسانية على إيصال الدعم، خاصة في ظل إعلان المجاعة في بعض المناطق، ووجود أكثر من 25 مليون شخص في السودان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الخطير.

ومنذ فقدان “الدعم السريع” السيطرة على مواقع استراتيجية في العاصمة الخرطوم ووسط البلاد خلال الشهرين الماضيين، كثفت الجماعة من اعتمادها على المسيّرات والمدفعية البعيدة المدى، في محاولة لقلب ميزان القوى.

وأدى ذلك إلى تعميق الانقسام الجغرافي بين المناطق التي يسيطر عليها الجيش في الوسط والشمال والشرق، وتلك الخاضعة لسيطرة “الدعم السريع” في الجنوب ودارفور غرباً.

Exit mobile version