مرصد مينا
يوم اختُطِف الإمام موسى الصدر، لم يكن هانيبال القذافي قد تجاوز السنتين من عمره، وطفل السنتين ليس بوسعه تغذية الحرب الأهلية اللبنانية، ولا إدارة الميليشيات وتوزيع الدُشَم، في ذلك الوقت كانت أيدي نبيه بري وقمصانه ممتلئة بالدماء، وكان واحداً من أعلام الحرب الاهلية اللبنانية، فيما كان على الضفة الأخرى رجال يموّلون الحرب، ويصفقون للمنتصر كما للمهزوم فيها.
سقط معمّر القذافي، وتشردت عائلته، وكان من بين المشردين هانيبال نجل القذافي الذي لم يكن شريكاً بسلطة ابيه، ولا في جنونه، فالتجأ الرجل إلى دمشق، ومن دمشق اختُطِف، ليكون رهينة لدى حركة أمل وزعيمها، في لعبة لابد أن حكومة دمشق قد تواطأت فيها، وكان اختطافه مُعلناً، لا تحيطه أيّ من الاسرار التي رافقت اختطاف الإمام موسى الصدر، ومن ثم اختفائه، وبحجة “الكشف عن مصير الإمام”.
اليوم يُضرب هانيبال عن الطعام، وقد يمتد إضرابه حتى الموت، ليترافق هذا مع نفي مصادر لبنانية كلّ المعلومات التي تتحدَّث عن قرب الإفراج عنه، مع تاكيدات بأنَّ المعلومات التي تقول بالإفراج عنه هي «معلومات مضللة”، بعد أن امتد اختطافه ثمانية سنوات.
في المعلومات القادمة من لبنان ثمة من يقول بأنَّ «مفاوضات كانت انطلقت قبل أشهر بين محامي هانيبال ولجنة متابعة قضية الصدر، لكنَّها وصلت إلى حائط مسدود». وكشفت هذه المعلومات أنَّ الجانب اللبناني «تعهد الإفراج عن القذافي الابن، مقابل تقديم معلومات دقيقة عن مصير الصدر ورفيقيه والوصول إليهم، لكن هانيبال أصرَّ على أن عبد السلام جلّود وحده الذي يعرف مصير الصدر، وأنَّ والده معمّر القذافي لم يقابل الإمام وأن الأخير ورفيقيه غادروا ليبيا إلى روما واختفوا هناك». وجزمت المصادر بأنَّ “هانيبال ليس متهماً بإخفاء معلومات فحسب، بل متهم بالمسؤولية عن مصير الصدر ورفيقيه”.
في غضون ذلك، تردَّدت أنباء في ليبيا عن قرب إطلاق سراح هانيبال، بمقتضى صفقة عقدها شقيقه سيف الإسلام القذافي، لكن خالد الزائدي محامي الأخير نفى ذلك جملة وتفصيلاً. وقال الزائدي، في تصريحات تناقلتها وسائل إعلام لبنانية، إنَّ “الخبر الذي أوردته مجلة (جون أفريك) الفرنسية (عارٍ تماماً) عن الصحة”. وكانت المجلة نقلت عن ما وصفتها بمستشارة سيف الإسلام القذافي، العراقية – الفرنسية سهى البدري، قولها إنَّ إطلاق سراح هانيبال “وشيك وذلك بعد دفع كفالة تقدر بـ ١٥٠ ألف دولار للسلطات اللبنانية، على أن يبقى هناك إلى حين محاكمته
غير أنَّ الزائدي، قال، وفقاً لوكالة “ليبيا برس” الإخبارية، إنَّ البدري “ليست من ضمن فريق عمل سيف الإسلام، ولا تحمل صفة مستشارة له كما نقلت المجلة”.
قضية هانيبال تقول بما لايقبل المزيد من القول بأن ذهنية نبيه بري مازالت ذهنية الميليشيوي، وبأن لبنان بلا قضاء، كما تطرح السؤال:
ـ ماهو التواطؤ الذي شاركت به الاستخبارات السورية في عملية الاختطاف تلك، دون نسيان محاولة أجهزة الاستخبارات تلك بالتنصل من المسؤولية، وبأن الاختطاف حصل من دون معرفتها.
ـ من دون معرفتها؟
كيف يحدث هذا وهي الاستخبارات التي تلتقط دبيب النملة في بلد كل مافيه غارق سوى “استخباراتها”؟