مرصد مينا
أصبح كريم بوعمران السياسي الفرنسي من أصل مغربي محط الأنظار في الساحة السياسية الفرنسية، خصوصًا بعد أن بات مرشحًا قويًا لمنصب رئيس الوزراء.
بوعمران الذي نشأ في بيئة بسيطة في فرنسا واستطاع بتفوقه الأكاديمي والمهني أن يبني سمعة جيدة، قد يكون الخيار المثالي لقصر الإليزيه نظرًا لمهاراته القيادية والكاريزمية.
ومن خلال مسيرته التي بدأت من الانخراط في الحزب الشيوعي وصولًا إلى تولي منصب عمدة سان أوين، أثبت بوعمران قدرته على التأقلم مع التحديات السياسية وتقديم نتائج مبهرة. إدارته الناجحة لدورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 كانت بمثابة نقطة تحول جعلت منه شخصية معروفة على الصعيد الدولي.
وإذا رسا خيار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على بوعمران، لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، فلن يكون السياسي الأول من أصول أجنبية الذي يصل إلى أعلى المراكز في الجمهورية الفرنسية. فالرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، من أصول مجرية.
ورئيس الحكومة الأسبق مانويل فالس، في عهد الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولند، إسباني الأصل من مقاطعة كاتالونيا وترشح مؤخراً لرئاسة بلدية برشلونة.
كذلك جد رئيس الحكومة المستقيلة غبرييل أتال، مولود في تونس.
ومن مغربيي الأصول، برزت رشيدة داتي، وزيرة الثقافة في الحكومة المستقيلة وقبلها برز اسم نجاة بلقاسم، التي شغلت لفترات طويلة منصب وزيرة التربية؛ وتطول اللائحة.
وليس مؤكداً أن يقع اختيار ماكرون على بوعمران. إلا أن اسمه مطروح بشكل جدي إلى جانب أسماء أخرى من اليمين واليسار، لكن بعضها فقط لغرض المناورة.
ومن هذه الأسماء برنار كازنوف، آخر رئيس حكومة اشتراكية في عهد فرنسوا هولند وكزافيه برتراند، الوزير السابق المنتمي إلى حزب “اليمين الجمهوري” وميشال بارنيه، المفوض الأوروبي السابق الذي فاوض، بتكليف من الاتحاد الأوروبي، خروج بريطانيا من الاتحاد، أو حاكم البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيلروا غالهو. كذلك ليس مستبعداً أن يخرِج ماكرون من قبعته اسماً غير مطروح أو غير مرتقب.
وفي أي حال، فإن اسم بوعمران موضوع على الطاولة لأسباب تتعلق بالنتائج التي خرجت من صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية التي عُرفت نتائجها النهائية مساء 7 يوليو الماضي. ولأن تركيبتها لم تفضِ إلى ولادة أكثرية، بل إلى ثلاث مجموعات سياسية، فإن تسمية ماكرون رئيساً جديداً للحكومة تأخرت وحكومة أتال استقالت في 16 الشهر الماضي، لكنها ما زالت تمارس مهام إدارة الشؤون اليومية للبلاد.
وبوعمران، البالغ من العمر 51 عاماً، يرأس حالياً بلدية سان أوان، الواقعة على مدخل باريس الشمالي، في دائرة سين سان دوني.
وقد وُلد في عائلة متواضعة مغربية الأصل. والده، الأمي، هاجر مع عائلته إلى فرنسا، عمل، كما الكثيرين من المهاجرين، في ورش البناء. ويقول عنه ابنه كريم: “والدي كان عامل بناء. لقنني قيم العمل والتضامن والتواضع”.
وباكراً جداً، ظهر ولع بوعمران بالسياسة منتمياً بدايةً إلى الحزب الشيوعي، عندما كان هذا الحزب بالغ القوة ومهيمناً على غالبية المدن والضواحي المحيطة بباريس، وبعدها انتمى إلى الحزب الاشتراكي ولا يزال اشتراكياً.
وسبق له أن قال إنه ولع بالسياسة منذ شبابه الأول، وقال في إحدى المقابلات لقناة “فرنس إنفو” الإخبارية الفرنسية: “بدأت بالمشاركة في المظاهرات منذ أن كنت في الـ15 من عمري. نزلت إلى الشارع لمساندة الساندينيين في نيكاراغوا وللمطالبة بإطلاق سراح نيلسون مانديلا…”.