شكلت بلدان مختلفة ملاذات ضريبة، يسعى لها المستثمرون ورجال الأعمال، لإقامة المشاريع وإيداع الأموال فيها، نظرًا لما تقدمه من تسهيلات ضريبية وبيئة اقتصادية متحررة وسريّة.
وتكمن مشكلة الملاذات الضريبية بتأثيرها المعاكس على الدول – بخلاف المستثمرين – فهي تشكل آلية مهمة في خلق ظاهرة التهرب الضريبي لأولئك الأفراد أو الشركات، كما أن سريتها تجعل منها مناخًا مناسبًا لازدياد الأنشطة المالية غير المشروعة.. نقاط لطالما أقلقت الاتحاد الأوروبي فسعى جاهدًا لتجاوزها والحد منها لتعويض نزيف الأموال التي تذهب عبر تلك الملاذات.
وفي عام 2017، أطلق الاتحاد الأوروبي صياغة لائحة عن الملاذات الضريبية، بعد الكشف عن مؤسسات وشركات وشخصيات، تستخدم حسابات “أوفشور” للتهرب الضريبي، وتكون هذه المؤسسات واقعة خارج بلد إقامة المُودع، وتكون غالبًا في بلدان ذات ضرائب منخفضة أو مؤسسات مالية لا تخضع للرقابة الدولية.
وتهدف لائحة الاتحاد الأوروبي إلى مكافحة التهرب الضريبي، عبر دراسة النظام الضريبي للعديد من الدول. وفي حال سمح النظام الضريبي لدولة ما، لدولة أخرى بالتهرب الضريبي، يدرج الاتحاد الأوروبي الدولة المعنية في قائمتها السوداء للدول غير المتعاونة ضريبيا.
ولدى تعهد هذه الدول لدى الاتحاد الأوروبي، بإصلاح نظامها الضريبي، يحذف الاتحاد البلدان المتعهدة من قائمتها السوداء، ويخضع الاتحاد الأوروبي، الدول المدرجة على القائمة السوداء للملاذات الضريبية، إلى إجراءات مشددة في التعاملات المالية.
ويرتقب أن يحسم الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء المقبل، في اجتماع ببروكسيل، في اللائحة الخاصة بالبلدان التي ستصنف كـ ” ملاذات ضريبية”، فيما يترقب الشركاء الاقتصاديون للاتحاد، بينهم المغرب، ما ستسفر عنه نتائج هذا الاجتماع.
وسيعمل المجلس الخاص بالشؤون الاقتصادية والمالية، في الاتحاد الأوروبي، على تجديد اللائحة الخاصة بالدول التي ينظر إليها الاتحاد كـ “جنان” أو “ملاذات ضريبية”، تلجئ إليها الشركات متعددة الجنسيات والأثرياء والمؤسسات المالية الكبيرة التي تحتاج لإخفاء أموالها تجنبا لدفع ضرائب مرتفعة.
يذكر أن المغرب نجا العام الماضي من تصنيفه ضمن القائمة السوداء للملاذات الضريبية، التي أعلنها الاتحاد الأوربي في مارس 2019، لكنه فشل في الخروج من “القائمة الرمادية” لذات التصنيف، إلى جانب 34 بلدا آخر. حينها صنف الاتحاد الأوروبي المغرب في الخانة الرمادية، إلى جانب دول من بينها تركيا وسويسرا وأستراليا وكوستا ريكا، وغيرها.
وإثر ذلك عبرت الحكومة المغربية عن عزمها إدخال تدابير جديدة في سياساتها المالية بهدف محاربة الجنات الضريبية، لكي تنسجم مع السياسة الخارجية للمملكة، وحتى تكون هذه الإجراءات منسجمة، أيضا، مع التزامات البلاد تجاه شركائها.