fbpx

المغرب وتصدير البطالة.. حلول اقتصادية خارج الصندوق

نسب البطالة، لا شك بأنه المصطلح أو المعضلة التي تواجه معظم حكومات العالم بما فيها حكومات الدول المتقدمة وذات الدخل المرتفع، لتزداد تلك المعضلة في الدول النامية ودول العالم الثالث، خاصة في دولة كالمغرب التي تصل فيها البطالة بحسب الإحصائيات الرسمية لعام 2018، حوالي 9.5 في المئة كبطالة معلنة، إلى جانب نسبة بطالة مقنعة مرتبطة بوجود ما يزيد عن 38.2 بالمئة من السكان غير القادرين على تأمين كافة احتياجاتهم اليومية.

خارج الصندوق

كثيراً ما تلجأ الحكومات على اختلاف توجهاتها لخلق فرص عمل في السوق المحلية عبر جذب الاستثمارات وافتتاح المشاريع، إلا أنه وعلى ما يبدو فإن الوضع الاقتصادي للمغرب وارتفاع نسب البطالة عموماً، دفع الحكومة للتفكير خارج الصندوق واعتماد مبدأ تصدير البطالة إلى الخارج، خاصة إلى أوروبا وأمريكا وكندا والإمارات العربية؛ تلك الدول التي تعتبر من أكثر مناطق العالم جذباً للعمالة، حيث كشفت إحصائيات وزارة الشغل المغربية عن إرسال حوالي 22.735 شخص للعمل خارج البلاد حتى نهاية أيلول الماضي للعام 2019، بمعدل زيادة بلغ 5.3 في المئة عن العدد الذي تم إرساله بنفس الفترة من العام 2018، والذي بلغ 21.589 عاملاً.

ووفقاً للإحصائيات الحكومية، فإن النسبة الأكبر من العمالة المتوجهة إلى الخارج، تمت عن طريق الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات؛ بحوالي 14.915 عاملاً، في حين تم تسفير العدد الباقي من العمال عن طريق المكتب الفرنسي للهجرة والاندماج، مبينةً أن العمالة المصدرة إلى الخارج توزعت على العديد من الأنشطة والمجالات الاقتصادية.

اقتصاد وحلول وتحذيرات

محللون اقتصاديون رأوا في الخطوة المغربية واعتماد سياسة تصدير البطالة؛ حلولاً للعديد من المشكلات التي تعاني منها البلاد عموماً على المستوى الاقتصادي، وليس فقط معالجة أزمة البطالة، وعلى رأسها التخفيف من الضغط على الميزانية التي تعاني في الأساس من عجز قد يصل خلال العام 2020 إلى نسبة 3.5 في المئة، والذي دفع الحكومة لبحث تقليص الدعم على سلع أساسية وزيادة الضرائب، ومحاولة الحصول على قرض بقيمة 10.23 مليار دولار.

وأشار المحللون إلى أن عملية إرسال العمالة إلى الخارج تساعد على توفير المزيد من القطع الأجنبي المتداول داخل البلاد، والذي يؤثر بشكل مباشر على قيمة النقد ومستويات التضخم، لا سيما وأن الكثير من الأموال التي سيتقاضاها العمال في الخارج سترسل عبر حوالات إلى بلدهم، مضيفين: “مشروع الموازنة العامة لسنة 2020 الذي عرضته الحكومة على البرلمان أظهر بشكل واضح أن ارتفاع النفقات الإجمالية كان السبب الرئيسي في حالة العجز الوارد، وبالتالي فإن الحكومة يجب أن تعطي فكرة ارسال العمالة للخارج أولوية أكبر على اعتبار أنها ستكون خطوة أكثر فاعلية في مساندة الاقتصاد المحلي ودعمه وتحويل العاطلين عن العمل من مستهلكين إلى منتجين حقيقيين”.

وعلى الرغم من ثنائهم عليها واعتبارهم إياها “خطوة إيجابية”، إلا أن المحلليين طالبوا بزيادة أعداد تصدير العمالة إلى الخارج، لافتين إلى أن إرسال بضعة ألوف من مئات ألوف العاطلين عن العمل لن يقود إلى نتائج كافية في ظل المعطيات الاقتصادية التي تشير إلى وجود مشكلات في كامل مفاصل الاقتصاد المحلي على مستوى الدخل.

في ذات الوقت، دعا المحللون إلى أن تراعي الزيادة في نسبة تصدير العمال مسألة أن لا تشمل هجرة الكفاءات وأن تكون الزيادة بنسب مدروسة وضمن قطاعات معينة، محذرين من أن تلك الخطوة قد تحمل آثار سلبية كبيرة على البلاد إن تمت بشكلٍ عشوائي، مطالبين في الوقت ذاته بأن تسعى الحكومة لإيجاد سبل وحلول أخرى بالتوازي مع سياسة التصدير التي تتبعها، للاستفادة من الكفاءات الموجودة داخل البلاد.

أرقام واحصائيات ولقمة صعبة

خصوصية الخطوة المغربية وإن لم تكن الأولى من نوعها على مستوى حكومات المنطقة، جاءت من خصوصية الأوضاع المعيشية في البلاد، وصعوبة تأمين مستلزمات المعيشة، ليس فقط للباحثين عن عمل وإنما حتى لنسبة كبيرة من الموظفين والعاملين، فقد أظهرت دراسة أعدتها المندوبية السامية للتخطيط في الغرب؛ أن ما يقارب مليونين ونصف المليون عائلة مضطرة للاقتراض حتى تتمكن من تلبية حاجات أفرادها الأساسية.

ولفتت الدراسة إلى أن الدخل الشهري لا يكفي لتغطية سوى 56 في المئة من المصروف الذي تحتاجه الأسر شهرياً، ما يعني أن العائلة الواحدة تحتاج إلى ضعف الدخل لتسد احتياجاتها، مشيرةً إلى أن متوسط الأجور في المملكة لا يتجاوز 5 آلاف و 317 درهما بالنسبة إلى الرجال، و 4 آلاف و750 درهما بالنسبة إلى النساء، الأمر الذي زاد من معدلات ما يعرف اقتصادياً بالبطالة المقنعة.

إلى جانب ذلك، لفتت الدراسة إلى أن معظم القروض التي تتقدم العائلات بطلبها هي قروض طويلة الأمد تمتد لسنوات، ما يساهم بالضغط على مدخولها الشهري، الذي بات يذهب جزء منه لتسديد مديونيتها، مشيرة إلى أن النسبة الأكبر من تلك القروض تتركز في مجال الإسكان التي بلغت بحسب الإحصائيات 285 مليار درهم.

مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى