المقصلة بالشام، والتحريض العنصري في لبنان.. إلى أين الفرار؟

مرصد مينا

نسي المسؤولون الحكوميون، كما قادة الأحزاب، كما حال ضحايا المجاعة في لبنان، كل المصائب التي حلّت بهم ابتداء بكارثة المصارف، مروراً بالجرائم المسجّلة ضد مجهول، وصولاً إلى انفجار المرفأ، وتركوا ذاكرتهم للجوء السوري إلى لبنان، وحده اللجوء السوري.

الأكثر من ذلك أن لكل منهم “داتا” خاصة بموضوع اللاجئين دون التوافق حتى على رقم واحد ليتوافقوا من بعده على علاج واحد أو حلّ واحد، فرئيس الحكومة يتحدث عن رقم يقارب المليونين، بينما يتحدث وزير المهجرين ن عن ثلاثة ملايين لاجئ، أما المفوضية السامية لحقوق اللاجئين في لبنان فلها أرقامها.

المشترك بين الجميع هو التحريض وغياب الخطة وغياب اي حس بالمسؤولية حيال ما يمكن أن يفضي اليه التحريض.

قبل عام من الآن، وضع وزير المهجرين عصام شرف الدين خطة لإعادة 15 ألف سوري شهريا الى سوريا، بعدما زار دمشق وعاد منها مؤكدا تعاون السلطات السورية، التي اعتبرت أن رقم 15 الفا قليل، وفي الامكان زيادته. حينذاك كان تعداد السوريين وفقا للوزير “يفوق المليون ونصف المليون”. أما اليوم فالوزير نفسه يقول إن تعدادهم يفوق الثلاثة ملايين، وإن خطته تتضمن ترحيل خمسة آلاف سوري شهريا في قوارب شرعية الى كندا وأميركا.

شرف الدين ليس استثناء، بل هو نموذج لتعاطي المسؤولين اللامسؤول مع ملف ضاغط وحساس كملف اللاجئين السوريين في لبنان. فهو الذي صرح ايضا قبل ايام ان هناك 20 الف مسلح سوري في المخيمات، وقد مر تصريحه مرور الكرام، ما عدا في بعض الاعلام الذي “احتفى” به.

في ذكرى انسحاب الجيش السوري من لبنان (26 أبريل/نيسان 2005)، غرد النائب زياد حواط، عضو كتلة “القوات اللبنانية”: “كما حررنا لبنان وحققنا الانسحاب العسكري السوري قبل 19 سنة، نعمل اليوم لتحرير الوطن من وجود النازحين السوريين غير الشرعيين وخطرهم على الوجود. وسننجح”.

تصريح حواط يطرح أسئلة من طراز:

هل اللاجئ عدو أم محتل؟

وهل لبنان بمعركة مع هذا “العدو”؟

أكثر من ذلك ومع تدفق الأسئلة يغيب سؤال:

ـ مادور حزب الله بتهجير هؤلاء؟ وهل أعاد الحزب أرضهم إليهم في القصير والزبداني ومنطقة القلمون ليعودوا إليها؟

ثم من هم المستهدفون من السوريين في لبنان وفيه نازح سوري وطالب سوري ومقيم ومستثمر ورجل اعمال وابن او زوج او زوجة لبناني، ويوجد عامل سوري، فلطالما كان لبنان في حاجة الى اليد العاملة السورية منذ عشرات السنين، ولكن في لبنان ايضا حكومة تخلط بين تعداد هؤلاء جميعا لتستعمل الأرقام المبالغ فيها للتحريض والابتزاز.

يخبرنا مسؤولون لبنانيون عن تكلفة اللجوء، ولكن لكل مسؤول وسياسي رقم، والأرقام ايضا وجهة نظر تتبدل حسب الحاجة.

وما الحل؟

هل سيكون بترحيل عشرات السوريين بشكل عشوائي الى سوريا ليلقى بعضهم حتفه او ليعتقل؟

النزوح، اللجوء السوري، سمّه ماشئت فهو أزمة تضاف إلى أزمات لبنان، غير أنه تحوّل إلى شمّاعة لتعليق كل الأزمات عليه ودون أيّة رؤيا.

ثمة رؤيا واحدة مفادها:

ـ خطاب شعبوي يتحوّل لحظة وراء لحظة إلى خطاب فاشي تتوجه سهامه إلى الجلاد لا إلى الضحية.

الجلاّد بالشام، وعودة اللاجئين إلى حضنه لن تكون ممكنة سوى بانتزاع المقصلة، وهذا واجب أممي أولاً ومنه يبدأ الحل أما سواه فمجزرة تتداعى إلى مجزرة.

Exit mobile version