الممنوع والمسموح للسوري في الصيغة اللبنانية

مرصد مينا

من حق اللبناني الدفاع عما تبقّى من فرص عمل في بلاده، ومن حقه رفض شراكة الغرباء في الكهرباء والماء والرصيف.. من حقه أن يكون مستفزاً من ثقافة وافدة على ثقافته، ومن بلد جار حطّ الكثير من أحماله فوق ظهر الجار.

من حقّه كل ذلك.

وما ليس من حقه التعامل بتلك الروح الثأرية مع السوري.. السوري النازح، السوري السائح، السوري الواقف على حدود بلدين كانا الى ما قبل أيّام من رسم خرائط الشرق الأوسط بلدا واحدا، يصله قطار وربما طبق واحد، ويصله اليوم ربما مصير واحد لمنطقة ستكون برمتها قاب قوسين من تقسيم كل وحداتها لإطلاق دول جديدة، لسنا على ثقة بماهية الأسماء التي تحملها، فيما سنحمل فائض ثقة بأن كل منها بمفرده لن يشكل دولة، أقله ما بعد لغة الزواريب وقد باتت اللغة المحمولة الى شرق المتوسط وغربه، والى كل ما يطال هذا الشرق بما فيه تركيا، الدولة الأكثر تماسكاً وعمقا من كل جوارها، بما فيه الجوار الأوروبي.

لبنان الحائر حتى اللحظة في تسمية رئيسه، والعاجز حتى اللحظة عن انتاج رئيس، لابد وأنه على الحافة، ولبنان لن يكون أكثر تماسكا من العراق، وهاهي العراق تدخل في الحرب الثانية، ونعني هنا، الشكل الجديد من الحرب ما بعد انجاز الحرب الأولى التي جاءت بالدبابة الأمريكية ومعها الخيار الأمريكي، وقد سقط لحسابات أخرى، أبسطها استيلاء الايراني على الجزء الأكبر من العراق، فيما أخذت الدول تتناثر واقعياً في عراق لم يعلن حتى اللحظة أنه العراق المقسم، فيما الارض تحكي كل شئ عن التقسيم.

في حرب العراق، وصل مئات آلاف العراقيين الى سوريا.. منهم من اختار دمشق بصفتها محطة عبور نحو المنافي الأبعد، ومنهم من اختارها بصفتها المنفى النهائي حين سقط في خيار الوطن النهائي.

اللبناني في حرب تموز، وقبلها في الاجتياح الاسرائيلي، وقبلهما في الحرب الأهلية اللبنانية اختار دمشق وكان السرير السوري قد اتسع لـ (الأخوة) اللبنانيين، ومع السرير، اقتسم السوري مع اللبناني الرغيف، تماما كما الهواء والماء والكهرباء والرصيف.

اليوم نقرأ اليافطة اللبنانية:” ممنوع تجوّل الأجانب السوريين من الساعة الثامنة ليلا لغاية الساعة السادسة صباحا”.. يافطة أقرب ما تكون الى ذبح السوري.. ذبحه في صلب كرامته، واذا قلنا من :”ترك داره قلّ مقداره”، وهو مثل سوري، فلن يعفي ذلك اللبناني من مسؤولية حمل السكين، وحمل السكين سيكون مرتين:

ـ مرة مع اليافطة.

وثانية مع الشراكة اللبنانية في الحرب السورية.

الشراكة؟

نعم انها الشراكة، ففي الوقت الذي تحوّل حزب الله الى محارب مع النظام، والى جزء من قيادات أركانه، ذهبت تيارات لبنانية الى ما يزيد عن علب الحليب، فالسلاح المتدفق الى سوريا سواء فوق ظهور (بغال) خالد الظاهر، أو عبر حسابات مصرفية طالما حملها عقاب صقر، سيقول بأن اللبناني كان شريكا فيما آلت اليه سوريا، والقاعدة تقول

ـ الغرم بالغنم.

فاذا كان ثمة مغانم للأطراف اللبنانية المتنازعة فوق التراب السوري، فلابد أن يتحمل اللبناني غرامة المكسب وابسطه أن يتحمل هذا النزوح السوري.

مادام الأمر كذلك فلابد من القول:

ـ من المعيب أن تبقى تلك اليافطة التي  تلوح في برج حمود:

ـ ممنوع تجول الأجانب السوريين ما بعد الثامنة مساء.

ممنوع.

Exit mobile version