نبيل الملحم
إذا كان للحروب ضحايا فأول ضحاياه من النساء، فإذا ماكان الموت من نصيبهن، فإعادة إعمار ماتهدم سيقع على كاهلهن، والدليل تعرفه ستالينغراد وبرلين المدمرتين في الحرب العالمية الثانية، كما مامن خراب إلاّ وشهد هذه الحقيقة.
ثالث الاوجاع التي تعانيها النساء في الحروب، هو الشغل على استرقاقهن الجسدي، وهاهي الحرب الاوكرانية اليوم تشهد رهاصات هذا الشغل على الاسترقاق، حتى أن القناة 12 الإسرائيلية، ذكرت في تقرير لها، أن “اللاجئات الأوكرانيات اللواتي هربن من الغزو الروسي لبلادهن ووصلن إلى مطار بن غوريون في تل أبيب، يشتكين من محاولات إقناعهن بالعمل في الدعارة فور هبوط طائرتهن”.
في الخبر امرين اولهما :
ـ الأوكرانيات يشتكين.
وثانيهما “فور هبوط طائرتهن”.
ما يعني أن صراخ الاوكرانيات الموجوعات من الحرب سيكون مضاعفًا، فـ “القوّادون”، لم يمنحونهن فرصة لقيلولة ما بعد الطيران.
القناة الإسرائيلية وقد نشرت على موقعها الرسمي الخبر، أكدت أن أصحاب بيوت الدعارة في إسرائيل يحاولون جلب الشابات الأوكرانيات اللاتي هربن من القتال للاستفادة من تردي وضعهن الاقتصادي وإقناعهن بالعمل في الدعارة مقابل الإيجار والطعام وراتب شهري قدره 1500 يورو.
ومتابعة للخبر على ثقله وقسوته، ذكرت القناة إنها حصلت على تأكيدات بأن أصحاب بيوت الدعارة أنفسهم اتصلوا بشابات في العشرينات والثلاثينات من العمر من خلال جهات اتصال وسماسرة في أوكرانيا ومولدوفيا للمساعدة في إحضارهن إلى إسرائيل بحجة أن لديهن أقارب هناك، وذلك بقصد تزويدهن بوثائق مزورة تسمح لهن بالدخول إلى إسرائيل دون الحاجة إلى الإقامة كلاجئات في الفنادق.
وأشارت إلى أن ذلك يتم من خلال سيدات يعملن في الدعارة في إسرائيل، ويتحدثن اللغة الروسية، من أجل إغواء الفتيات بالوصول إلى إسرائيل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتقديمهن على أنهن قريباتهن أو صديقات الطفولة.
وأوضحت القناة أن مصادر مقربة من هؤلاء أكدت أن الأوكرانيات اللاتي يتم استقدامهن سيعملن في المقاهي كنادلات وعاملات نظافة في الفنادق وأن الأمر يتم بالتنسيق مع “قوادين” معروفين في أوكرانيا و مولدوفيا ورومانيا، وأن الإسرائيليين المتورطين في مثل هذه العمليات على استعداد تام لدفع رسوم السمسرة لهم.
هذا في إسرائيل، دون نسيان أن معظم اللاجئات من اليهوديات، فما الحال في بقية دول اللجوء، ومن بينها بولونيا، ومن ثم ألمانيا وسواهما من مدن اللجوء؟
هي ذي الحرب يستثمر فيها اثنان:
ـ جثث القتلى من الرجال، واجساد الناجيات من النساء.
وذات يوم، وكان الوقت “مابعد الحرب العالمية الثانية”، شهدت لبنان بلد “المتوسط” ما اطلق عليه تسمية “غابة بولونيا”، وكانت تلك الغابة بمثابة مستعمرة للاتجار بالنساء البولونيات الناجيات من الموت، ليكون الموت الأكثر قسوة:
ـ الاغتصاب، و:
ـ بالأجرة.
مازالت الغابة إلى اليوم تحمل اسم “غابة بولونيا”.
الغابة، إنه الاسم الاكثر التصاقًا بما تنتجه الحروب.