زاوية مينا
منذ اغتيال إسماعيل هنيه في طهران، ومن بعدها الرد الإيراني ومن بعده الرد على الرد، ومن بعدهما ما يمكن أن تحمله الأيام من ردود، كانت الإدارة الأمريكية ترجو تل أبيب إن لم تحذرها بالابتعاد عن استهداف “النفط” الإيراني، وكانت المملكة العربية السعودية تشتغل على هذا “الرجاء” أو “التحذير”، ما يعيد “النفط” إلى أولوية الأولويات وقدس أقداسها، ذلك أن التوترات الجيوسياسية المتزايدة أدت بالفعل في الشرق الأوسط إلى ارتفاع أسعار النفط، التي كانت منخفضة عند حوالي 70 دولاراً للبرميل، ولكنها تجاوزت الرقم ما بعد 7 /أكتوبر.
المملكة تحتاج إلى سعر مرتفع نسبياً، ربما 100 دولار للبرميل، وفي الفهم العام، الميكانيكي، فالاضطرابات ستقود إلى ارتفاع أسعار النفط ما يعني أنها ستصب في الخزنة السعودية، فالمملكة يلزمها من أجل تحقيق مشاريع التنمية الطموحة لـ “رؤية 2030” التي بادرها ولي العهد محمد بن سلمان تحتاج إلى مال أوفر يوفره النفط.
ذلك هو الاستخلاص الميكانيكي ، ومع ذلك، تشتغل المملكة على الحيلولة دون اضطرابات المنطقة بتفسير مفاده أن المشاريع السعودية تتطلب أيضاً السلام والاستقرار الإقليميين، وهو ما يفسر إحجام السعودية الملحوظ عن الانجرار إلى حرب أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط.
نظرياً، بإمكان الرياض تعويض أي نقص في إمدادات النفط العالمية الناجم عن هجوم إسرائيلي على البنية التحتية الإيرانية. لكن حقول النفط والمنشآت الرئيسية في المملكة تقع مباشرة عبر الخليج من إيران، وبالتالي فهي معرضة بشدة للهجمات (كما حدث في الهجوم على مجمع معالجة بقيق في أيلول/سبتمبر 2019) أو للتخريب.
وفق قراءة لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، فإنه علاوة على ذلك، من المرجح أن تؤدي أي ضربات إسرائيلية ضد صناعات النفط والغاز والبتروكيماويات الإيرانية إلى محاولات من قبل إيران أو وكلائها لمهاجمة أهداف الطاقة الرئيسية في إسرائيل.
وتشمل هذه الأهداف مصافي التكرير في حيفا وأشدود، وأكبر المحطات الإسرائيلية لتوليد الطاقة وتحلية المياه، وحقول الغاز البحرية الإسرائيلية الثلاثة.
وقد يؤدي التصعيد المتزايد أيضاً إلى تهديدات مباشرة لمنشآت النفط في دول “مجلس التعاون الخليجي”، أو تعطيل الشحن التجاري في المنطقة، و/أو سلوك تهديدي ضد الأصول البحرية الغربية.
وسبق أن هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز إذا لم تعد قادرة على تصدير نفطها، لكن أي تعطيل من هذا القبيل رداً على هجوم إسرائيلي من شأنه أن يحفز بالتأكيد المزيد من التدخل الغربي – وهو احتمال قد ترغب طهران في تجنبه.
وفي المقابل، من غير المرجح أن يؤدي استهداف عدد قليل من مصافي التكرير أو صهاريج التخزين الإيرانية إلى إثارة رد فعل كبير بخلاف بعض الهجمات الصاروخية على منشآت إسرائيلية مماثلة.
وفي دول أخرى، لا تزال تركيا والعراق تستوردان الغاز الطبيعي من إيران، وهذه الواردات ضرورية لتوليد الكهرباء والتدفئة. ومن شأن أي تعطيل في إنتاج الغاز الإيراني أن يؤثر على كلا البلدين.
الرد الإسرائيلي وقع منتصف الليل الفائت، وهاهي أخباره تفيد بأن:
ـ لا استهداف للنفط الإيراني.
ربما تصغي إسرائيل إلى جيرانها في المنطقة.
الـ “ربما” الأشد احتمالاً أنها:
ـ تُصغي إلى السيد جو بايدن وقد باتت لياليه في الكابيتول أقل عدداً من أن يقلقها بنيامين نتنياهو.