
مرصد مينا
حذّر خبراء مصريون في المناخ والطقس من احتمالية تكرار “عاصفة الإسكندرية” التي ضربت المدينة الساحلية فجر السبت، مؤكدين أن ما شهدته المحافظة هو “حدث مناخي متطرف” ناتج عن التغيرات المناخية المتسارعة، والتي تشكل تهديداً حقيقياً للمناطق الساحلية في مصر وشمال أفريقيا.
ووفقاً لما ذكره الدكتور صابر عثمان، الخبير الدولي في تغير المناخ ورئيس مجلس أمناء مؤسسة “مناخ أرضنا للتنمية المستدامة”، فإن العاصفة الأخيرة تُعدّ مثالاً لما تُعرف به منظمة الأرصاد العالمية بـ”حدث جوي غير معتاد وخارج عن البيانات المناخية التاريخية”.
وأشار إلى أن هذه الظواهر أصبحت أكثر تواتراً بسبب ارتفاع حرارة الأرض وزيادة نسب غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الأنشطة البشرية، بما في ذلك حرق الوقود الأحفوري والزراعة المكثفة والتصنيع الملوث.
حدث غير مسبوق
وشهدت محافظة الإسكندرية في ساعات الفجر الأولى من السبت أمطاراً رعدية غزيرة مصحوبة برياح قوية بلغت سرعتها نحو 50 كيلومتراً في الساعة، ما تسبب بأضرار مادية في بعض المنشآت، وأثار حالة من القلق والارتباك بين المواطنين.
ووصف الدكتور هشام العسكري، أستاذ الاستشعار عن بُعد وعلوم أنظمة الأرض في جامعة تشابمان الأميركية، العاصفة على صفحته في “فيسبوك” بأنها “حدث مناخي متطرف”، مشيراً إلى أن ارتفاع درجات حرارة سطح البحر يُعدّ عاملاً رئيسياً في زيادة وتيرة وشدة هذه الظواهر.
الهبوب الكبير
الدكتور محمد السيد شلتوت، أستاذ علوم البحار والتغيرات المناخية بجامعة الإسكندرية، أطلق على ما حدث اسم “الهبوب الكبير”، موضحاً أن الظاهرة بدأت في طبقات الجو العليا، حيث أدت ظروف الضغط المنخفض وتكاثف بخار الماء إلى تشكّل سحب ركامية انفصلت منها خلية جوية ضخمة دخلت أجواء الإسكندرية وأطلقت كميات هائلة من الأمطار بشكل مفاجئ، مشبهاً الحدث بـ”انفجار صنبور ماء في كل الاتجاهات”.
وأضاف شلتوت أن التنبؤ بمثل هذه الظواهر يبقى أمراً صعباً ما لم تتوفر تقنيات إنذار مبكر متقدمة، مشدداً على أن الاستعداد لها يجب أن يتم عبر أنظمة تنبيه لحظية أو قبل الحدث بساعات قليلة فقط.
دعوات لتطوير منظومة الرصد
في هذا السياق، شدد الخبراء على ضرورة بناء منظومة متكاملة تعتمد على أجهزة رصد متطورة وتنسيق محكم بين المؤسسات الحكومية ووسائل الإعلام لنقل الإنذارات المبكرة بشكل فعال، إلى جانب رفع وعي المواطنين حول كيفية التعامل مع مثل هذه الحالات الطارئة.
وقالت الدكتورة سارة فؤاد، أستاذة الهندسة المعمارية للمناظر الطبيعية في الجامعة التقنية بميونيخ، إن التغيرات المناخية باتت تهدد المدن الساحلية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، مضيفة أن الزحف العمراني على الشواطئ يعقّد المشهد ويزيد من هشاشة البنية التحتية أمام العواصف والسيول.
وأشارت إلى أن تدهور القنوات المائية الطبيعية التي تساهم في تنظيم حركة المياه وتبريد المناخ يزيد من آثار هذه التغيرات، مؤكدة أن هذه القنوات تلعب دوراً محورياً في ترسيب الطمي وتشكيل خطوط دفاع طبيعية ضد تآكل السواحل.
ودعا الدكتور هشام العسكري إلى البقاء على درجة عالية من اليقظة والاستعداد للتكيف مع أنماط الطقس المتغيرة، قائلاً: “علينا أن نكون دائماً على استعداد، وأن نعمل معاً لحماية مجتمعاتنا من آثار تغير المناخ”.