لافتة جدًا تصريحات المبعوث الاميركي الى ايران روبرت مالي، اللافت فيها يمكن القول عنه “هشاشة امريكية مقابل غرور إيراني”، ومن يتابع تصريحات مالي، قد يتوقف عند ذلك الاعتراف البائس “من الصعب التفاوض مع بلد يرفض التحدث إلينا، مما جعل كل شيء أكثر صعوبة، وأكثر استهلاكا للوقت، وأكثر عرضة لسوء الفهم. نحن مستعدون لإجراء محادثات مباشرة وهم ليسوا كذلك. لذلك كان علينا أن نكفي بمحادثة غير مرضية وغير مباشرة للغاية”.
وسيتجاوز هذا إلى القول بأن “المناقشة الحقيقية التي يجب أن تجري ليست بين الولايات المتحدة وإيران، بل “بين إيران ونفسها”. و”هل هي مستعدة لاتخاذ الخطوات اللازمة للعودة إلى الصفقة؟ وإذا كان الجواب لا، فسيتعين علينا معرفة المسارات الأخرى المتاحة”.
ومادام الأمر كذلك فلم المفاوضات؟
وستزداد الغرابة حين يعلن المبعوث الأمريكي عن اعتقاده بـ ” أنه في هذه المرحلة، لا يبدو أن إيران قد اتخذت قرارا بالحصول على سلاح نووي. هذا لا يعني أنهم لا يوسعون برنامجهم حتى يكونوا على عتبة القيام بذلك”، أما وجه الغرابة فهو الاعتراف الصريح بأن إيران تقف على عتبة انتاج القنبلة، ومادام الأمر كذلك فعلى ماذا يراهن المبعوث الأمريكي، ومن يضمن أن إيران لن تقف عند العتبة لتقفز إلى القنبلة؟
وحين يسرد وقائع المفاوضات مع إيران يقول بأنه وإدارته كانا يعتقدان بأنهما “قريبين من التوصل إلى اتفاق، ثم قررت إيران، لأسبابها الخاصة التي ينبغي للمرء أن يسألها عنها، إعادة تقديم قضية لا علاقة لها بالاتفاق النووي، وتتعلق بتحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأنشطة الإيرانية السابقة”.
ثم سيعود المبعوث إياه للكلام عن استخدام القوة في مواجهة إيران، أما عن القوة فـ “سندين” و “سنعاقب”، ولنتصور حجم الهزة التي ستصيب سلطة الملالي فيما لو “أدينت” أو “نُدد بها”، ووصولاً إلى السقف “ونشدد العقوبات عليها”، كما لو أن العقوبات فعلت فعلها بالنظام الكوبي أو الكوري الشمالي، أو حتى بنظام دمشق الذي يزداد يومًا بعد يوم غرورًا وعنجهية.
“سنتحدث بقوة عن الحقوق الأساسية للشعب الإيراني كما نريد أن نفعل في جميع أنحاء العالم”.. هذذا ما يقوله روبيرت مالي، ياالله، أي لغة للفولاذ هذه؟
مع كل يوم، تعلن الإدارة الأمريكية هشاشتها وعجزها، بل وشيخوختها، حتى نكاد نذهب إلى الاعتقاد بأننها سترفع راية بيضاء ملوّحة للملالي أن :
ـ سامحونا.
من يصغي إلى تصريحات المبعوث إياه، لابد ويتيقن من أن الولايات الأمريكية قد غدت الولايات الهامشية، أقله في الصراع مع طهران.
طهران التي ترقص اليوم على وقع الخناجر والسكاكين، وهي في المرحلة الأحوج لمساندة أممية بمواجهة عنف وسلاح الباستيج والحرس الثوري.
اللحظة الإيرانية الحرجة، تقابل اليوم باللحظة الأمريكية المائعة.
ثورة يتيمة في عالم يحلو له أن يتفرج.