تعممت اللحى في القرن الواحد والعشرين، حتى شملت الجميع، ليبرالي، ديني، يساري، وفعلت الكورونا فعلاً طيبًا لصالح إطلاق اللحى و… للجميع ، غير أن منتصف القرن الفائت، وخصوصًا سبعينياته، احتكرت “اللحى” لحساب الاسلاميين واليسار.. الإسلاميون بذريعة “اكرموا اللحى”، واليسار في محاكاة للتجربة الكوبية وتعبيراتها في فيديل كاسترو وتشي غيفارا.
“اللحى” اليسارية آنذاك، كانت على الغالب لليسار الملتحق بمنظمة التحرير الفلسطينية، وللتيارات الراديكالية من اليسار، وهي التيارات التي انتهت إلى السجون من مثل حزب العمل الشيوعي السوري، وكذلك رابطة العمل، أما يسار السلطات من طراز البكداشية فقد أهانت اللحى ولم تطلقها وانتظمت في تحالف مع السلطة، احتلت فيه المقاعد الخلفية من سيارات المرسيدس، كما من مقاعد مجلس الشعب والوزارات.
ما بعد تجارب السجون وقد نالت من يسار اللحى ومن اعمار شبابه، خرج هذا اليسار يائسًا ليراجع تجربته، ولكن ليراجعها من منطق “التوبة”، وفي أحيان اخرى جلد الذات، ومع مراجعاته قرر الالتحاق، فكان التحاقًا بواحد من تيارين:
ـ أولا تيار كونداليزا رايس، والليبرالية الجديدة.
وثانيًا التيارات الإسلامية حتى لم تعد “لحاه” تختلف عن “لحى” جبهة النصرة في كثير من الأحيان وكذلك خطابه، اما تيار كونداليزا رايس، فلم يعد كونه ملحقًا برساميل وظفت في الاعلام وفي حركات المجتمع المدني ومصادر التمويل الثرية.
من تعبيرات ملاحق الإسلاميين، رجل توفي مؤخرًا بـ “كورونا”، وهو “أنيس النقاش”.
من سيرته أنه ابتدأ حياته (النضالية) رفيقًا للمناضل الماركسي الأممي لييتش راميريز سانشيز، المعروف بـ “كارلوس”، ومما أبدعت أيديه أنه قام وبصحبة مجموعة من المسلحين باقتحام مقر منظمة “أوبك” في العاصمة النمساوية فيينا، خلال انعقاد اجتماع لوزراء الدول الأعضاء في مقر المنظمة، وكان ذلك تحت راية “اليسار”.
الماركسي إياه، انتقل إلى الخمينية، فكانت محاولة اغتيال رئيس الوزراء الإيراني في عهد الشاه، شهبور بختيار، في 1980، وبأوامر من آية الله الخميني.
أكثر من ذلك شارك النقاش حزب الله باختطاف الفرنسيين “ميشيل سورا وجان بول كوفمان كرهينتين” في لبنان، ثم قام بذبح عالم الاجتماع الفرنسي “ميشيل سورا”، في العام 1986.
وتمدد اكثر ليساند نظام الأسد، معتبرا أن قرار الصمود جاء من بشار الأسد، وقال ذات يوم في حديثه لقناة “الميادين” الموالية لحزب الله اللبناني: “تبين أنه لا يوجد ربيع عربي”.
“النقاش”، هو واحد من تعبيرات التحولات التي وقعت على اليسار.. يسار اللحى الغيفارية، وقد بات اليوم يقتني اللحى الخمينية، أما اليسار الآخر، اليسار الحليق، فمازال في مواقع البيرقراطيات الحكومية، يتابع أسعار السلع، ويراكم الغبار فوق طاولات مكاتبه، وبالنتيجة ثمة يسارين:
ـ يسار يشتغل عند الحكومات والسفارات، ويسار يشتغل عند الإسلاميين، والفارق بقيمة الاجور والعائدات.
في حال كهذا:
ـ ما الذي تبقّى من اليسار؟
تبقى ذلك الشعار الطريف الذي رسمه رسام الكاريكاتير ناجي العلي:
ـ ياعمال العالم صلّوا على النبي.