عادة ما تسعى الدول لإثبات نفسها عبر قوة الانتشار والدفاع عن المصالح في الخارج، قبل أن تنتقل تلك المواجهات التي تكون في أحايين كثيرة مدمرة، إلى أراضي الدول المعنية، ومع تغير الحضارة البشرية تغيرت أساليب وطرق المواجهة بين الدول، فمن الغزو الناعم إلى القوة العسكرية التي باتت سلاح الأضعف.
في ليبيا الأرض الجديدة لإثبات القوة، والإمكانات والشعبية التي تحظى بها كل دولة في الإقليم العربي والإفريقي على حد سواء، انشغلت دول كثير في هذا الملف فبينما تدمر دول تعمر أخرى، بيد أنّ سلاح الإعمار بات أقوى من سلاح التدمير، للأرض وللشعب.
تدخل دول عدة في الملف الليبي تأتي في المقدمة تركيا والإمارات العربية المتحدة، ففي الوقت الذي أرسلت فيه الأولى قوات أجنبية وتركية إلى الدولة الساحلية الإفريقية لتأمين مصالحها في الغاز والقوة العسكرية في المتوسط، أرسلت الإمارات العربية المتحدة مساعدات إنسانية لبناء الإنسان الذي لم تدمر آلة الحرب قوة العزيمة للنهوض وبناء ليبيا الجديدة.
من حيث القوة العسكرية تشير التقديرات الواردة من المؤسسات الرسمية لكلا البلدين، بأن الإمارات العربية المتحدة أرسلت نحو 18 ألف جندي إلى اليمن حيث الخطر الإيراني، قتل منهم في المعارك مع الحوثيين 108، في الأثناء تمكن الجنود الإماراتيون من تدريب 200 ألف جندي يمني أصبحوا اليوم قادرين على خوض غمار المعارك، ودحر تنظيم القاعدة المتطرف من عدن ولحج وشبوة، وأبين وساحل حضرموت.
بينما زجت تركيا بعد معاهدات الدفاع المشترك التي قايضتها حكومة الوفاق الوطني بضمان مصالح تركيا في المتوسط، بنحو 4700 مقاتل ما يقارب نصف العدد هم مقاتلون سوريون يقاتلون تحت راية العلم التركي في ليبيا.
كما دعمت قوات الوفاق الوطني بسفن حربية، وعربات عسكرية، حاولت الحصول على موافقة من دول الجوار الليبي لاستخدام أراضيها طريقاً للسلاح لكنها فشلت.
أما في اليمن، فقد أنهى الجيش الإماراتي عملية الانسحاب منها، وذلك في 09 فبراير 2020، وفق خطة إعادة انتشار وسحب قواتها منتصف العام الماضي 2019. وقد اتخذت دولة الإمارات، قرارا بسحب قواتها من اليمن عند التوصل لحل سياسي ترعاه الأمم المتحدة وحصول القوات اليمنية على التدريب الكافي لتجنب الفراغ الأمني.
وفي هذا السياق قال وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، أنور قرقاش: إن أبو ظبي ارتأت أن الوضع لم يعد يستدعي الإبقاء على قوات إماراتية كبيرة، وأكد أن بلاده ستواصل المساهمة في الجهود الإنسانية والاقتصادية والدبلوماسية بكل شيء .
الإمارات رؤية إستباقية في محاربة الارهاب
دولة الامارات، وفق المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب والاستخبارات، حاربت التمرد وتنظيم داعش والقاعدة في اليمن منذ عام 2015، وقدمت التدريب والدعم اللوجستي الى قوات اليمن الشرعية ورجال المقاومة وبالتعاون مع التحالف العربي.
وخاضت القوات الإماراتية معارك، من أجل استعادة مواقع استراتيجية في اليمن، مثل باب المندب وحضرموت، وعدن، وشبوة، والحديدة والمكلا ولحج ، وغيرها من المدن والمحافظات الكثيرة التي كانت تخضع لسيطرة تنظيم القاعدة.
إن عملية سحب القوات الإماراتية من اليمن، جاءت وفق ذات المصدر، لتكشف، الأطراف التي تقف وراء حملة الدعاية الممنهجة ضد دولة الإمارات، تحديدا من قبل تركيا وتنظيم الإخوان المركزي وفروعه في سوريا واليمن وليبيا والصومال ودول اخرى
أما على الصعيد الإنساني، في السنوات الأربع الماضية ضخت الإمارات بنحو 5 مليار دولار أمريكي لبناء الإنسان في اليمن، بنت المدارس والمشافي وساعدت الكثير من الجرحى طبياً، حيث خصصت منها مليون دولار للقطاع الطبي.
وتعرف اليمن بأنها بوابة الجنوب العربي باتجاه المحيط الهندي وبحر العرب المنفتح على القوة الإيرانية ذات الأطماع التوسعية في الإقليم، بينما تعرف ليبيا بأنها واقعة في العمق العربي والإفريقي.
بالتالي فهي بوابة تركيا نحو التوغل أكثر في القارة السمراء، وتحقيق مصالحها على حساب المصالح الليبية في المتوسط، ما يعزز الفارق الكبير بين كلا الدولتين وكلا التدخلين العربي العربي، والتركي العربي.
ومطلع العام الحالي، أشارت صحيفة “امبيتو” التشيلية إلى أن اردوغان اتجه لعقد صفقة مع الحكومة الصومالية للتنقيب عن النفط فى مياهها الإقليمية، وهذا الاتفاق يفتح ملف جديد لأطماع أردوغان والتوتر فى المنطقة، وأثارالتواجد التركي فى الصومال طرح مخاوف جيوسياسية فى المنطقة بما فيها تهديد الأمن القومي العربي
وكان معهد الطاقة لجنوب شرق أوروبا حذر من تحركات تركيا فى البحر المتوسط، مؤكدا أن أنقرة ستجد نفسها فى مواجهة القوات الأمريكية التى تنتشر بقوة فى تلك المنطقة، حيث أكد أن تحركات أنقرة شرقي المتوسط قد تأخذ منعطفا نحو الأسوأ إذا واصل أردوغان ممارساته العدوانية.