يثابر الإعلام الإيراني تأكيده فتوى المرشد الأعلى علي خامنئي.. مفاد الفتوى أن “السلاح النووي محرّم شرعًا” .
بطبيعة الحال لا أحد يعرف مصدر التحريم إن استند إلى القرآن أو السنّة ولكنه يستند حتمًا إلى تضليل “العالم” فيما منشآته النووية تعمل بلا كلل وقد يُفاجأ العالم في ليلة من لياليه بوصول حكومة الملالي إلى “القنبلة النووية” بعد أن يبل العالم الفتوى ويشرب ماءها.
حسين موسويان، وهو المتحدث النووي الإيراني سار على خطى مرشده فـ “الفتوى دائمة” واستشهد بها كدليل على أن الدين يحظر على إيران الاستحواذ على مثل هذه الأسلحة.
لكن الدبلوماسي الإيراني السابق أمير موسوي فقد زلّ لسانه فـ “أي فتوى ليست دائمة، وفقاً للفقه الشيعي الجعفري”. هذا ماقاله في مقابلة مع محطة الميادين، فالفتوى “تصدر حسب تطور الظروف” و “قد يتمّ تغيير الفتوى” و”التعاليم الدينية لا تملي قرارات الأمن القومي في طهران، بل أن مبدأ “مصلحة النظام”، الذي ينصب اهتمامه الأساسي على بقاء هيكل السلطة بعد الثورة، هو الأساس.
موسوي هذا ليس من “رعاع القوم” فهو بالإضافة لكونه دبلوماسي سابق، فهو برتبة عميد في الحرس الثوري الإسلامي وهو الآن يدير “مركز الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية” وهو مركز أبحاث تابع للحرس الثوري ومقره طهران.
وكان السؤال:
ـ ما الذي حفز الفتوى ولماذا هي قابلة للتغيير؟
كانت المرة الأولى التي أصدر فيها المرشد الأعلى فتوى نووية شفهية في عام 2003، وكررها في عدة خطابات منذ ذلك الحين.
لقد اختلفت الصيغ المحددة المستخدمة في هذه التصريحات. ففي بعض الأحيان، حظر خامنئي بشكل قاطع تطوير وتخزين واستخدام الأسلحة النووية. وفي مناسبات أخرى، بدا أنه سمح ضمنياً بتطويرها وتخزينها، ولكن لم يسمح باستخدامها. وفي حديثه إلى مجموعة من كبار العلماء قال:”على الرغم من أنه كان بإمكاننا السير في هذا الطريق [لإنتاج الأسلحة النووية]، قررنا العدول عنه… استناداً إلى فتوى ديننا الإسلامي؛ فمن الخطأ صنعها ومن الخطأ تخزينها لأن استخدامها محظور”.
والجدير بالذكر أن كلاً من الفتوى الأولية والجهود الإيرانية المبكرة لتسليط الضوء عليها جاءت بعد فترة ليست طويلة من اكتشاف برنامج النظام السري للتخصيب النووي والإفصاح العلني عنه في عام 2002. وبالتالي، يجب اعتبار هذه الجهود، على الأقل جزئياً، على أنها الحد من الأضرار. وتم استخدام الفتوى لأغراض أخرى أيضاً:
- إضفاء الشرعية على البرنامج النووي كنشاط سلمي بحت من خلال التبرير الديني
- تفادي الانتقادات المحلية المحتملة للتقدم البطيء للبرنامج، والانتكاسات العديدة التي مُني بها، وقرار النظام بتجنب أي تجاوز للعتبة النووية بسرعة
- مساعدة النظام على الترويج للإسلام الثوري باعتباره نظاماً مساوياً للشرعية الدولية إلى جانب القانون الدولي، كما ظهر من خلال مقترحات قُدّمت في عام 2013 لترسيخ الفتوى في قرار للأمم المتحدة
فتاوى المرشد الأعلى كانت على الدوام متغيرة فالله على صلة بـ مصلحة النظام”، فقد غيّر مؤسس الجمهورية الإسلامية، آية الله روح الله الخميني، موقفه وأصدر فتاوى متناقضة حول عدد من القضايا، من بينها الضرائب، والتجنيد العسكري، وحق المرأة في التصويت، وشرعية النظام الملكي للشاه. وبالمثل، يمكن للمرشد الأعلى علي خامنئي أن يعكس فتواه النووية إذا رأى ذلك ضرورياً. واعترافاً بهذه الحقيقة، اقترح بعض المسؤولين الإيرانيين السابقين أن يمرّر البرلمان تشريعاً يقر قانون الفتوى النووية من أجل الحفاظ على قيمتها كإجراء لبناء الثقة مع الغرب.
إن السبب في إمكانية عكس الفتاوى الإيرانية هو أن مبدأ “مصلحة النظام” يوجه صياغة السياسة في الجمهورية الإسلامية. وقبل وفاته، حكم الخميني أنه يحق للنظام تدمير مسجد أو تعليق التقيّد بالتعاليم الإسلامية إذا كانت مصالحه تمليه ذلك، وأن دستور الجمهورية الإسلامية يمنح المرشد الأعلى السلطة المطلقة لتحديد تلك المصالح. لذلك يمكنه إلغاء القوانين أو إبطال قرارات الهيئات التداولية المختلفة، بما في ذلك البرلمان و”مجلس صيانة الدستور” و”مجمع تشخيص مصلحة النظام”.
اليوم تتواتر التصريحات الإيرانية بشأن الفتوى، وتواكب هذه التصريحات الانشغال بـ “الحوار الإيراني ـ الأمريكي” المتصل بالسلاح النووي، وفيما تنشغل الإدارة الأمريكية بتبعات إدارة الرئيس دونالد ترامب، ينشغل الإيرانيون وحرسهم الثوري بالمفاعل النووي حتى أن تحقيقات ومن بينها مانشرته بي بي سي يؤكد بأن إيران استأنفت بالفعل تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة، وفقا لما نُقل عن متحدث باسم الحكومة الإيرانية.
وتخالف هذه خطوة الحكومة الإيرانية الاتفاق النووي المبرم بين طهران والدول الكبرى قبل حوالي 5 سنوات. وينص الاتفاق على ألا تزيد إيران نسبة التخصيب عن3.67 في المئة.
غير أن إيران لا ترى في ذلك مخالفة. وتقول إن الولايات المتحدة لم تلتزم بالاتفاق وأعادت فرض عقوبات اقتصادية أكثر قسوة عليها، ما أضر ضررا بالغا باقتصادها.
ويهدف الاتفاق إلى تقييد برنامج إيران النووي حتى لا تتمكن من تصنيع أسلحة نووية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها.
لقد نقلت وكالة مهر الإيرانية للأنباء عن علي ربيعي المتحدث باسم الحكومة الإيرانية قوله “بدأت، قبل دقائق، عملية إنتاج يورانيوم مخصب بنسبة 20 في المئة في مؤسسة فوردو للتخصيب”.
الملالي يتقنون لعبتين:
ـ لعبة الوقت ولعبة القتل.
أما عن اليورانيوم المخصب فهو حتمًا ليس للاستعمال كمعجون أسنان، وليس بعيدًا ذاك اليوم الذي يعلنون فيه:
ـ أيها السادة بات لنا قنبلة نووية.
يحدث ذلك والأمريكان نيام.