مرصد مينا
لن تفيد الاعتراضات الأمريكية على توسيع الحرب، ولن تحول قوّة ردع قوى المحور في الحيلولة دون امتداداتها، فالقرار الإسرائيلي متخذ، وبنيامين نتنياهو يعلم باليقين أن هذه الحرب لن تنتهي بنصف انتصار، فإذا ما توقفت اليوم والتقط حزب الله أنفاسه فسيعود إليها ثانية، فإن توقفت الحرب اليوم فلابد أن تستعاد في الغد أو بعد الغد، وهكذا فإذا كان لهذه الحرب من تسمية فتسميتها لابد وتكون :
ـ آخر الحروب.
بما لا يسمح بـ “اليوم التالي”.
كل الوقائع تشير إلى هذه الحقيقة، ومن أبرز الحقائق:
ـ إدارة ظهر نتنياهو للاحتجاجات الأهلية الإسرائيلية التي تطالب بإيقاف الحرب.
ـ أدارة الظهر للتظاهرات العالمية التي تحمل هذا المطلب.
ـ الضغوطات الامريكية المعلن منها والخفي.
وأخيراً تاتي الهجمة السيبرانية التي وقعت يوم أمس والتي طالت حزب الله وتمثل سبقاً لم تشهده أيّ حرب سابقة والتي مازالت موضوع تساؤل عنوانه:
ـ كيف؟
عن الـ “كيف” إياها ثمة العديد من القراءات، والتي تحمل سيناريوهات متعددة ومن ضمنها تحليل لما جرى في لبنان من تفجيرات متزامنة لأجهزة الـ”بيجر”، وضعته “سمكس”، المعنية بالأمن السيبراني وفق نظريّات تفسّر ما حدث فعلياً من وجهة نظرٍ سيبرانيّة وتقنيّة”، وهي::
أن تكون أجهزة النداء التي انفجرت جزء من شحنة جرى استلامها وتشغيلها بعد العبث بها خلال عملية الشحن عبر زرع عبواتٌ متفجّرة صغيرة فيها، على سبيل المثال لا الحصر، جرى تفعيلها عن بعد أو بواسطة جهاز توقيت.
نجاح الاستخبارات الإسرائيليّة في تطوير طريقة لبثّ ثغرة يمكن استغلالها في هذه الأجهزة، ربما عبر رفع حرارة الأجهزة، ما أدّى إلى انفجار بطارياتها.
حدوث تلاعب في أجهزة النداء التي انفجرت خلال عملية الشحن (في ما يُعرف بـ”هجمات سلاسل التوريد – supply chain attack) ليتمّ تفعيلها لاحقاً عن طريق موجات راديو تُطلق من محطةٍ أرضية أو جهازٍ استخباراتيّ (نظام الإنذار المبكر والتحكّم -AWACS مثلاً) لتفجير الأجهزة.
وأيّ كان الصحيح من السيناريوهات السابقة فالثابت أن الاستخبارات الإسرائيلية اشتغلت على اختراقات امنية واسعة، كانت وراء هذه العملية الأكثر هولاً من أي عمليات سابقة والتي تنبؤ عما يمكن أن تحمل لما بعدها دون نسيان سلسلة الاغتيالات التي طالت قيادات من حزب الله كما قيادات إيرانية، ما يفيد بأن ذراع الاستخبارات الإسرائيلية بات يصل إلى وسائد حزب الله وغرف منامة قياداته، وما يفيد بأن توسيع دائرة الحرب يعني فيما يعنيه اجتثاث حزب الله وقلعه من جذوره، ما سيضع المنطقة امام السؤال الأكثر جدية:
ـ وفي هكذا حال ما موقع الحرس الثوري الإيراني دفاعاً أو صمتاً عن اقتلاع ذراعه؟
عندها سيكون السؤال الأكثر جدية والذي على عواقبه سترسم ملامح المنطقة.
سيكون رسماً جديداً تنتهي معه دولة الامس ببحارها، شطآنها، مفازاتها، حدودها وكذا حال الخرائط.