
زاوية مينا
سوء حساب، أم تخادماً مع إسرائيل؟ أما عن النتائج فقد حملت الطوفان إلى غرق غزة بدلاً من أن يُغرق إسرائيل، وثمة الكثير من الأسباب، ومن الكثير بعضه:
ـ رهان حماس على “المنقذ الإيراني” ومحور المقاومة.
ـ رهانها على قصر نَفَس إسرائيل على دخول حروب طويلة.
ـ رهانها على أن الأسرى الإسرائيليين سيتحوّلون إلى دروع بشرية يبيعونهم مقابل انتصار، حتى ولو كان انتصاراً إعلامياً.
المنقذ الإيراني وقف متفرجاً دون أن تعوزه الصيحات من بثوثه التلفزيونية، أما عن النَفَس الإسرائيلي فقد بدا أطول من التوقعات، فيما انهار محور المقاومة برمته انتهاء بمقتل حسن نصر الله وتشظي حزبه، والنتيجة:
ـ تدمير غزة وتحويلها إلى أرض جرداء ما بعد عملية إن لم تكن شكلاً من التخادم مع إسرائيل، فأقله أسوأ سوء حساب وقع على القضية الفلسطينية، وهو سوء الحساب الذي أطلق العقال لمن تبقّى من الأحياء في غزة للخروج بمظاهرات واسعة تطالب حماس بـ : حللي عنا.
حللي عنا هذه، ابتدأت منذ استيلاء حماس على غزة قبل ثمانية عشر عاماً، وها هي اليوم تحلّ عنهم مستسلمة لنتائج الحرب، لتحيل إدارة القطاع لجامعة الدول العربية لا للسلطة الفلسطينية، ما يعني تفكيك الجغرافية الفلسطينية، بعد أن فككت حماس منظمة التحرير الفلسطينية بدءاً من مؤسسها أحمد ياسين، مع استذكار بأن “حماس” كما مجموع قيادات الاخوان المسلمين لم يطأوا أرضاً إلاّ وخربوها.
ـ وبعد؟
حكموا غزة لا بالشورى، ولا بالديمقراطية، ولا بأي توافق شعبي سوى بإرادة قيادات “حماس”، فوصلوا السلطة بالانقلاب العسكري وخاضوا خمسة حروب مهزومة مع إسرائيل، كل حرب منها أودت بحياة الآلاف من الأطفال والنساء، وعلى أعقاب كل حرب يخرج علينا الناطق الرسمي باسم حماس ليشكر طهران والدوحة ويرفع راية الانتصار.
خالد مشعل اليوم يعلن فشل مشروعه، ولعل هذا سيكون خطوة باتجاه نهاية لا حماس فحسب، بل خطوة نحو انهاء جماعة الاخوان وسقوطها ما بعد سقوط آخر معاقلها، ما بعد عقود من إيهام الناس بـ “تزاوج الإسلام بالجماعة” وقد ارتدى العمامة على رؤوس طالما استثمرت بالدماء والضحايا، والسؤال اليوم:
ـ هل سيستطيع خالد مشعل أن يفرض إرادته على حماس ما بعد إعلانه تسليم إدارة قطاع غزة لجامعة الدول العربية؟ وماذا سيكون مصير الأسرى الإسرائيليين الذين بحوزة حماس في قطاع غزة وماذا بعد هذه الخطوة؟
ـ ماذا سيكون موقف الجامعة العربية من هذا الطرح؟ وماذا سيكون موقف السلطة الفلسطينية؟
وفي البداية والنهاية:
ـ ماذا ستكون كلمة الغزاويين اليوم في تظاهرات الغضب.. اليوم.. اليوم 28 مارس/آذار 2025؟
كل المقروء من الصورة أن تظاهرات اليوم ستركز على المطالبة بانتخابات تشريعية من خلال برنامج انتخابي يشارك فيه الفلسطينيون كل الفسطينيين في الداخل والشتات بمن فيهم فلسطينيو القدس وقد وفر الانترنيت الفرصة باتساعها للانتخابات عبر الـ أون لاين، ليقول الفلسطينيون كلمتهم.
ما بعد كل هذه التجربة الدموية بات على الفلسطيني اليوم أن يقرر مصيره، ويختار قياداته ويخرج من فراء الدب الذي يبدو دافئاً وناعماً، ولكنه سيضع المتدفئ فيه بفم الدب.
الدب الحمساوي الذي جاء لينطر الكرم فأكل صاحب الكرم والمحصول معاً.