زاوية مينا
وقد شارفت استضافة “الدوحة” لـ “حماس” على الانتهاء، ماهو حال الفصيل الفلسطيني الذي انتهت مغامرته بقرابة خمسين ألف قتيل وآلاف الجرحى مع التدمير الكامل للقطاع؟
قيادات حماس الأكثر راديكالية لابد وانتهت أو كادت بمقتل يحيى السنوار، فيما قياداته الدبلوماسية انتهت بمقتل إسماعيل هنيه، أما خالد مشعل فهو “البطّة الحمساوية السوداء”، فلا مكانته على حالها بين كوادر حماس، وليس له مرقد عنزة على الجانب الفلسطيني المنضوي تحت جناح منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، فيما الكلام عن ترحيل “حماس” من “الدوحة” وإن كان مايزال همساً بالنسبة للحكومة القطرية، غير أنه طلب مرتفع النبرة من الإدارة الأمريكية المقبلة ونعني إدارة “ترامب”، وحين يطلب ترامب ترحيل حماس من الدوحة، فلن يجد معاندة قطرية، أقلّه وقد استنفذت “حماس” وظيفتها تحت المطرقة الإسرائيلية من جهة، وتحت الرفض الفلسطيني شبه الواسع لحضورها، هذا عداك عن حقيقة إفلاسها عسكريا، والتاريخ لا يفتح ذراعيه لمهزوم.
تلك مقدمات الحالة الحمساوية، غير أنها ليست الحالة الوحيدة ولا الفريدة التي تتصل بمصائر التنظيمات التي تستمد وجودها ومبررها وتمويلها وبناؤها من عواصم خارج أرضها، فلهذه الحركات تاريخ من “الاستثمار بها” و “الطرد لها”، سواء في الحالة الفلسطينية أو سواها، فثمة تاريخ لدمشق مع هذا الطراز من التنظيمات قد يكون مثالها الأبرز، الاستثمار في حزب العمال الكردستاني ومن ثم تسليم قائده عبد الله أوجلان إلى تركيا ليكون مصيره السجن، ومن قبله التسبب بمقتل اليساري الأممي “كارلوس” وقد ألقت به دمشق الى الخرطوم ليواجه مصيره وقد انتهى إلى الزنزانة الألمانية، فيما اشتغلت بغداد “صدام حسين” على الاستثمار بأحزاب وتنظيمات ثم ألقت بها إلى المقصلة أو المجهول وقد يكون نموذج أبو نضال صبري البنى أكثرها وضوحاً.
وإذا ما جاء الكلام إلى ليبيا معمر القذافي، فللرجل تاريخ من “الاحتواء والازدراء” لتنظيمات عملت تحت جناحه وكان مصيرها الموت المعلن أو القتل المجهول كما حال النهاية الحزينة لفتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الإسلامي، واليوم تأتي نهايات “حماس”، بالهمس مؤقتاً، وبالصوت المرتفع عما قريب، فالدوحة اتخذت قرارها، أما إعلانه فإذا لم يكن في مقدمات نشرات الأخبار فلابد أن يأتي في سياقها، ليكون السؤال اللاحق :
ـ ما تبقّى من قيادات “حماس” إلى أين؟
إلى دمشق؟
لن يكون خياراً ممكناً أو وارداً فبشار الأسد اليوم، هو في حال يدفعه للتخلص من بقايا الفصائل الراديكالية المشتغلة على الأرض السورية، بمن فيها جماعة “الحرس الثوري” الإيراني وقد بات منغّصاً لسلطته وشخصه، ولن يزيد طينه بلّة.
إلى عمّان؟
لا فلسطينيو الأردن سيرحبون بحماس، ولا هاشميوها يقبلون بحماس، ولا مكان لحماس في عمّان اللهم إلاّ في حال حرب شوارع أردنية / فلسطينية تأتي على الأردن بشرق أردنييه وفلسطينييه.
إلى طهران؟
ممكن ووراد، غير أنهما الممكن والوارد هو احتواء طهران لحماس على قاعدة ضيوف ثقلاء، استنفذوا أسباب الاستثمار بهم وقد باتوا خارج أرضهم.
إذن فلتكن موريتانيا، وفي موريتانيا، البلد بالغ الكرم والضيافة، قد تكون الإقامة النهائية لمن تبقى من قيادات حماس، وهناك ليس ثمة ما يفعلونه سوى استحلاب الشاي الأخضر، و:
ـ الصمت بانتظار:
النسيان.