مرصد مينا
أثارت التطورات الأخيرة في سوريا، بعد سقوط نظام بشار الأسد، جدلاً واسعاً بين الساسة والمحللين الليبيين، الذين تساءلوا عن تأثير هذه التحولات على ليبيا التي تعاني من انقسامات سياسية وهيمنة الميليشيات المسلحة في ظل غياب دستور يحكم البلاد.
مخاوف “منطقية”
النائب الليبي إسماعيل الشريف وصف هذه المخاوف بـ”المنطقية”، مشيراً إلى أن الترقب سيد الموقف بسبب وجود لاعبين دوليين مثل روسيا وتركيا في الملف الليبي، مما يزيد من تعقيدات المشهد.
وأضاف الشريف في تصريحات صحافية اليوم الأثنين، أن وصول إدارة أميركية جديدة قد يؤثر أيضاً على التطورات الإقليمية، بما فيها الوضع في ليبيا.
وفي ليبيا، يتشابه الدور التركي والروسي مع ما كان عليه في سوريا. إذ تدعم تركيا حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بينما تحظى القيادة العامة بقيادة المشير خليفة حفتر بدعم روسي، مما يعكس استمرار المنافسة الإقليمية على النفوذ.
الكاتب الصحافي الليبي بشير زعبية لفت إلى “مفارقة مثيرة”، حيث إن تركيا التي أفشلت محاولة قوات حفتر السيطرة على طرابلس عام 2019، تحقق الآن مكاسب مشابهة لصالحها في سوريا بعد سقوط الأسد.
احتمال تغير التحالفات في ليبيا
وفي الجانب العسكري، أبدت الباحثة السياسية بجامعة طرابلس، أمل العلوي، قلقها من احتمال تغير التحالفات بين أطراف النزاع في ليبيا نتيجة التطورات في سوريا، مما قد يؤدي إلى تدفق المقاتلين والأسلحة إلى الداخل الليبي.
لكنها لم تستبعد أن تشكل هذه التطورات فرصة لإطلاق عملية سياسية جادة لحل الأزمة الليبية.
التباين في المواقف الرسمية بين حكومتي شرق وغرب ليبيا حول سقوط الأسد يعكس الانقسام السياسي المستمر.
ففي حين أعربت حكومة الوحدة الوطنية عن تأييدها لـ”ثورة الشعب السوري ضد الطغيان”، التزمت حكومة الشرق الصمت، ما يراه عمار الديب، رئيس “الحراك الوطني” للأحزاب الليبية، امتداداً للفجوة السياسية التي تزيد من تعقيد الموقف.
غياب الدستور
من جانبه، حذر صلاح بوخزام، عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، من خطورة استمرار الفراغ الدستوري الذي يعطل آليات نقل السلطة، ويزيد من هشاشة الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد، مما يفتح الباب أمام التدخلات الخارجية.
وبينما يشهد غرب ليبيا تصاعداً في نفوذ الميليشيات المسلحة مع انفتاح قادتها على أطراف دولية، أشار النائب الليبي محمد عامر العباني إلى التشابه بين حالتي ما بعد سقوط نظامي الأسد والقذافي، حيث تهيمن الجماعات المسلحة وتعرقل عملية بناء الدولة.
في السياق نفسه، رصد أحمد أبوبريق، عضو المجلس الأعلى للدولة، تشابهاً بين المعارضة المسلحة في ليبيا وسوريا، مع وجود اختلاف في تعدد المرجعيات الأيديولوجية والداعمين الدوليين للمجموعات المسلحة في كلتا الدولتين، ما يجعل الملف الليبي أكثر تعقيدًا في ظل الظروف الراهنة.
وفجر أمس الأحد، تمكنت المعارضة السورية المسلحة من الإطاحة برئيس النظام السوري”بشار الأسد”، الذي فرّ إلى روسيا تحت جنح الظلام.
جاء ذلك بعد 14 عاماً من اندلاع الثورة السورية التي بدأت في ربيع عام 2011، ومرت بمراحل عديدة بدءاً من المظاهرات السلمية التي قابلها النظام السابق بالرصاص، وصولاً إلى حرب طاحنة وتدخلات من أطراف إقليمية ودولية. هذا كله أدى إلى مقتل نحو مليون سوري، بالإضافة إلى تهجير ونزوح نحو نصف سكان البلاد.