مرصد مينا
تراجعت بورصات آسيا وأوروبا في بداية التعاملات الأسبوعية، اليوم الاثنين، على وقع بيانات اقتصادية سلبية صدرت في الولايات المتحدة الخميس والجمعة الماضيين.
وسيطر اللون الأحمر على تداولات أسواق المال العالمية، فيما يشبه الانهيارات التاريخية، حيث هوت مؤشرات بورصة اليابان لأدنى مستوى لها منذ 1987، وسرعان ما لحقتها العملات العالمية، والأسواق الآسيوية والعربية والأوروبية، إضافة إلى خسائر النفط والعملات المشفرة القاسية، وسط تساؤلات عن ما يجري وأسباب هذه الأزمة.
وسجل البورصات الأوروبية تراجعا هو الأدنى في نحو 6 أشهر وسط عمليات بيع عالمية، مدفوعة بمخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.
وتراجع المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 2.68% إلى 484.45 نقطة، وذلك بعد أن هبط إلى 482.42 نقطة وهو أدنى مستوياته منذ 13 فبراير.
ومن المتوقع أن يسجل المؤشر أسوأ أداء يومي منذ عامين ونصف العام.
كما شهد المؤشر أسوأ أداء أسبوعي له منذ ما يقرب من 10 أشهر يوم الجمعة، وانخفض إلى ما دون 500 نقطة للمرة الأولى منذ 15 أبريل الماضي.
وعزف المستثمرون عن الأصول التي تنطوي على مخاطرة مدفوعين بمخاوف من اتجاه الولايات المتحدة نحو ركود اقتصادي.
ومحت أسواق الأسهم العالمية أكثر من 3 تريليونات دولار من قيمتها بسبب الخسائر الضخمة التي منيت بها مع بداية تعاملات الأسبوع.
وارتفع مؤشر الخوف إلى أعلى مستوياته خلال 4 سنوات، بأكثر من 120% عن يوم الجمعة الماضي.
وكان مؤشر “Nikke 225” الياباني الأكثر انخفاضاً وسجل أسوأ أداء يومي منذ عام 1987، فقد بسببه نحو 620 مليار دولار من قيمته السوقية، وهذا لا يشمل كافة الأسهم اليابانية والتي عانى أغلبها من خسائر.
كما خسر مؤشر “MSCI” للأسواق الناشئة 504 مليارات دولار، بالإضافة إلى خسائر بأكثر من 300 مليار دولار لمؤشر “Stoxx 600” الأوروبي.
ومع افتتاح الأسواق الأميركية على خسائر، فقد اتسعت الدائرة بصورة كبيرة، حيث أضافت أسواقها خسائر بأكثر من تريليوني دولار، حيث أصبحت القيمة السوقية لأكبر 9143 شركة حول العالم 101.8 تريليون دولار انخفاضاً من 103.8 تريليون.
أسباب انهيار البورصات
تعود هذه التراجعات إلى 3 أسباب رئيسية، أولها تقرير الوظائف الضعيف في أميركا، والذي أشعل مخاوف دخول أكبر اقتصاد في العالم في مرحلة ركود.
إضافة إلى قيام البنك المركزي في اليابان برفع أسعار الفائدة بأكثر من المتوقع عند 25 نقطة أساس.
فيما السبب الثالث كان التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط بين إيران ووكلائها من جهة وإسرائيل وحلفائها من جهة أخرى.
كل هذه الأسباب دفعت مخاوف المستثمرين إلى مستويات مرتفعة، وأشعلت شرارة البيع في أسواق المال العالمية تجنبا للمخاطر، واندفعوا تجاه الذهب باعتباره ملاذا آمنا.
في هذا السياق يقول “ستيفن إينيس” المحلل في شركة إدارة الأصول SPI Asset Management، إن هذا التراجع “سببه تقرير الوظائف الأميركي الذي نُشر الجمعة وانعكس في انخفاض عوائد الأسهم والسندات” في بورصة وول ستريت في نيويورك.
إلى ذلك، رأى محللو مصرف “دويتشه بنك” الألماني، أن حجم توقعات السوق بشأن عدد مرات تخفيض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي “على مدى 12 شهرا المقبلة، لا يُرى عادة إلا خلال فترات الركود”.
سوق السندات يواصل تراجعه
وفي سوق السندات، واصلت أسعار الفائدة الأميركية التي تتحرك في الاتجاه المعاكس لأسعار السندات تراجعها، لتصل إلى 3.76% في الساعة 07:25 توقيت غرينتش، مقارنة مع 3.79% الجمعة للسندات التي يبلغ أجلها عشر سنوات.
وهذا يظهر اهتمام المستثمرين بالتوجه إلى أصول توفر مزيدًا من الأمان مقارنة بالأسهم التي تعتبر أصولاً محفوفة بالمخاطر.
على صعيد أسواق الأسهم الآسيوية، كان انخفاض المؤشرات أكثر وضوحاً اليوم الاثنين، لا سيما في طوكيو التي تراجع مؤشرها الرئيسي، نيكاي، بنسبة 12.4%، بمقدار 4400 نقطة مسجلاً أسوأ انخفاض تاريخي له منذ انهيار سوق الأسهم في أكتوبر 1987. وهبط مؤشر توبكس الأوسع نطاقا بنسبة 12.23%.
كما انخفضت بورصتا تايوان بأكثر من 8%، وسيول بأكثر من 9%، بينما تراجعت أسواق الأسهم الصينية على نحو أكثر اعتدالا، فانخفض مؤشر هونغ كونغ هانغ سنغ 2.13% في التعاملات الأخيرة. وانخفض مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 1.54% ومؤشر شنتشن بنسبة 1.85%.
وبعد يوم تاريخي في بورصات العالم، فإن الأمر المؤكد هو أن الخسائر الحالية للأسهم تعد الأكبر منذ جائحة كورونا، وقد تتنافس بصورة أقرب إلى الأزمة المالية العالمية لعام 2008، في حال استمرت على هذا النحو خلال الأيام المقبلة.