بالنسبة لبكرا

زاوية مينا

بالنسبة لبكرا؟ هو من اقدم أسئلة اللبنانيين والناطق الرسمي باسم جمهور شغيلتهم زياد الرحباني، واليوم ربما سيكون اكثر قلقاً وإقلاقاً، أما السؤال فهو:

ـ ماذا عن سلاح حزب الله وقد باتت هزيمته موشكة، وتعبيراتها:

ـ اغتيال مجموع مهندسي غرفة عمليات حزب الله العسكرية والأمنية وربما الفقهية.

ـ اغتيال ثلث حزب الله، فحزب الله مكوّن من أطراف ثلاثة، هم على التوالي: التمويل الإيراني والعقيدة المهدية والقاعدة الشعبية والحزبية بجناحيها المدني والعسكري، وثالثها حسن نصر الله شخصياً، ما يعني اغتيال ثلث الحزب باغتيال حسن نصر.

ـ الفارقين النوعيين الحاسمين ما بين سلاح وتكنولوجيا حزب الله بالمقارنة مع السلاح الإسرائيلي.

ـ الامتداد الإعلامي والسياسي لإسرائيل على طول وعرض عواصم العالم الفاعلة، مقابل انحسار حزب الله في هذه العواصم إللهم من موقع العداء.

وسيضاف إلى هذا وذاك حجم الاختراقات الأمنية وقد أوشكت أن تصيب حزب الله بشلل يفقده الصواب.

كلها عوامل تقول بأن حزب الله خاسر في هذه الحرب، وما تبقّى هو حماية لبنان، كل لبنان من الخسائر المحتملة، واكثر هذه الخسائر ستكون يوم تعود بيروت إلى نشيد “الدّشم”، ويعلو السلاح أكتاف المتقاتلين الذين لابد ويتقنون التصويب.

عندها ستكون الخسائر الكبرى، أما عواملها المرئية / الممكنة، فربما تُختّزل بـ :

عودة حزب الله مكسوراً، لا يعني إرخاء ساقيه بمواجهة خصومه اللبنانيين ويمتدون من القوات / الكتائب / نصف التيار أو على وشك / وموقفاً مؤقتا من وليد جنبلاط الرجل الأكثر إتقاناً لملاعبة الثعابين، وكذا حال نبيه بري، حركة المساكنة القسرية مع حزب الله وبالوسع التفصيل في هذه المساكنة إن أسعفنا السياق.

نكرر، عودته مهزوماً لاتعني ارخاء كتفيه بمواجهة خصومه السياسيين، فانتزاع سلاحة يعني إعدامه وقد بنى هويته وعقيدته ولقمة خبزه من السلاح.

ما الذي سيكون عليه الحال، وما أحوال الحل؟

سؤال صعب الإجابة عنه، دون استبعاد صيغة إحلال حزب الله بالجيش النظامي وبمفاصل جدية في الجيش وهذا سيثقل الصيغة اللبنانية القائمة على محاصصة، هي العقيدة الفريدة لأقطاب الطوائف اللبنانيين، وعبرها سيتجدد الصراع.

عودة حزب الله من الخنادق إلى صفوف جمهور الناس، يعني عودته إلى الرصيف، فالمقاتل ستكون مهنته “مقاتل” وليس من السهل التحرر منها، ولكنها ممكنة، فكل القيادات السياسية اللبنانية اليوم وصلوا إلى السياسة من المتاريس، وهم من جيل النخبة في  الحرب الأهلية اللبنانية سيئة الذكر، وقد يكون هذا الخيار ممكنا في حال واحد:

ـ إذا أدرك حزب الله، أن عقلية السلاح في الداخل اللبناني لن تخلق منتصراً إلاّ كاحتمال، ولكنها تميت لبنان بمن فيه حزب الله باليقين.

إذا أدرك حزب الله هذا، فلابد أن يستجيب لمجموع أصوات القوى والشخصيات اللبنانية ليخسر سلاحه ويكسب لبنان، واللبنانيون بما توضحه الصورة، قدّموا ما يكفي من عوامل الاطمئنان للعائلات الشيعية القادمة من مواقع النزوح، وربما قد يكون نبيه بري هو الأقدر على قراءة “بالنسبة لبكرا”، بعقل يختلف كثيراً عن قراءة حزب الله، وهي قراءة قد يفيد فيها قراءة التاريخين، تاريخ ونشأة حركة أمل وعلى ضفافها نبيه بري وقد بات منبعها، ونشأة حزب الله وعلى ضفافه حسن نصر وقد تحوّل إلى عقدتها، أما الفوارق فهي:

ـ نبيه بري وليد الشيعية العاملية من طراز محمد مهدي شمس الدين ومحمد باقر الصدر، والمرجعيات العاملية ، فيما نصر الله وليد المدرسة الخمينية وانتظار المهدي وراء مفتاح بوابته الولي الفقيه.

ثمة ما يكفي من الفوارق ما بين الخطّين، والمزاجين، والثقافتين، ففيما حركة أمل، هي حركة المحرومين في النشأة على يد ملهما الإمام الصدر، سيكون حزب الله هو حزب “العقيدة” والعقائد لن تكون سوى جدار فاصل ما بين حواملها وجدل الحياة، ولهذا أنتج نبيه بري هيفاء وهبة فيما لم ينتج حسن نصر الله سوى الخمار.

هذه الفوارق تسمح لنبيه بري بأن يذهب بعيداً في خيار تفريغ لبنان من السلاح خارج سلطة الدولة، لحساب السابحات في بحر لبنان وروّاده الباذخين، فيما لابد ويحصر حزب الله في “خيار الله”، دون إدراك أن الله قد تخلّى عنها تحت وطأة حرب غير متكافئة، وربما في توقيت بلا هداية من الله وبتوريط من الولي الفقيه.

ـ ما الذي يحول دون أن يُقدِم بري على خيار صريح بمواجهة حزب الله؟

في العودة للجذور العائلية لعائلة “بري”، هي جذور تجّار الماس، أمّا نثرات الماس فهي صلبة / ناعمة / جارحة، مضاف لبراعة اللعب بالميزان.

سيحول مثل هذا دون استعجال نبيه بري من الخروج من بيت المساكنة مع حزب الله، لكن الانفصال سيحدث إن لم يضع بري حزب الله في خاتمه، كـ :

ـ قطعة ماس.

هل يحدث ذلك “بكرا”؟

قد يحدث.

Exit mobile version