مع ترامب، أو مع بايدن، او مع أيّ من القادمين الى البيت الأبيض، لن يخرج الشرق الأوسط من فوهة البركان مادامت طهران محكومة للملالي، وتركيا محكومة لجماعة الاخوان، وكليهما الملالي والاخوان منشقان من جسد واحد هو الدكتاتورية في تنوع تجلياتها، ونعني الطغيان والثقافة الشمولية التي لن تتسامح أو تسمح بولادة أنظمة ديمقراطية.
مع ترامب انتعش الملالي تمامًا كما انتعش أردوغان، فحجم التهديدات التي أطلقها ترامب على النظام الايراني لم تكن اكثر من فقاعات أدركها نظام الملالي، وسخّفوها، وحولوها إلى نكتة في أروقة السياسة، ومع ترامب، تمددت حكومة اردوغان حتى باتت لاتهدد الشرق العربي وحده، بل امتدت بتهديداتها الى اوروبا حيث سلاح المهاجرين واطلاق الرصاص على المارة، وبإسناد من حكومة اردوغان وقد عانت فرنسا ويلاتها تمامًا كما النمسا، واليوم يأتي جو بايدن، فما الذي سيفعله إزاء إيران / تركيا.
مواقف بادين من إيران ليست بالغة الوضوح، وكذلك الحال من تركيا، اما مواقف نائبته كامالا هاريس، فهي مواقف لاتقبل التأويل، خصوصًا من شخص أردوغان ومنظومة حكمه، ولكن كيف بالوسع أن يتطور الموقف الامريكي باتجاه ايران وكذلك باتجاه الحكومة التركية.
الحرب المفتوحة مع ايران، قد لاتكون الخيار الملائم للإدارة الأمريكية المقبلة، وليست ذكريات الحرب على العراق مشجعة للإقدام على حرب تالية في المنطقة، وبالنتيجة فخيار الحرب على ايران قد يكون مستبعدًا، غير أن ما لايستبعد هو معرفة حقائق الحياة الإيرانية وما يتفاعل في الداخل الايراني، وما يتفاعل في الداخل االايراني لابد وأنه مادة تفوق في معطياتها نتائج اي حرب ممكنة، فالايرانيون الذين يرزحون تحت حكم الملالي منذ اربعين سنة، لابد وأنهم واجهوا عنف وسطوة الملالي، وعمل هذه المنظومة على اخراج الايرانيين من الزمن، عبر محاربتهم لكل ما يتصل بالزمن بدءًا من المودة وانتهاء بإدارة ارادات الناس، وسبق وشهدت ايران ثورتين متتاليتين، أجهضتا بانعدام المساندة الدولية لهما، وثورة ايران الثالثة لابد قادمة أقله بسبب المجاعة التي يعانيها الايرانيون، كما أسباب تتعلق بجيل من الشباب، من يعيش فيهم تحت الارض اكثر ممن يعيشون فوق الارض، ولابد لحركات الشباب ان تتوالد بما يسعها أن تكون اكثر تنظيمًا، وأوسع أفقًا، وأشد مقدرة على انتاج برنامجها السياسي المضاد على طول لخط لسياسة الملالي وحكمهم، وبالتالي ليس امام قوى التحرر في العالم اجمع سوى دعم لحركات الشبابية الايرانية وخصوصًا حركات الطلبة منها.
هذا عن ايران اما عن تركيا فلن يكون الامر مختلفًا بالكثير، ولابد أن للمعارضات التركية تاريخًا من العمل السياسي المنظم، والبرامج الواضحة، وسيضاف هذا الى المسألة الكردية التي تتفاعل يومًا بعد يوم بمواجهة حكومة اردوغان، ولن يكون دعم الحركات الكردية في تركيا كما دعم لقوى العلمانية (بمن فيها القوى داخل الجيش التركي) سوى دعم لحركات تحرر باتجاه المدنية والديمقراطية، بمواجهة حكومة اردوغان وقد اتخذت طريق الدكتاتورية الفاقعة.
الحرب على ايران مستبعدة اليوم وغدًا وفي كل يوم، اما عن دعم حركات التحرر في الداخل الايراني، وإن كانت طويلة النفس، وبعيدة النتائج، غير أنها الطريق الوحيد الذي لابد من انتهاجه ليس أمام الإدارة الأمريكية المقبلة فحسب، بل امام الحكومات والحركات الديمقراطية في العالم أجمع.
جو بايدن رجل طويل النفس، اما الحسم فقد يكون على يد نائبته التي كان لها التأثير الاكبر على الرئيس، وهو مايعرفة المقربون من الرئيس ومنها على السواء.
بانتظار ما ستحمله السيدة النائبة.
كل الشرق بانتظارها.