مرصد مينا – سوريا
وُلد الأديب الراحل “فاضل السباعي” في مدينة حلب في بيت تراثي خلف الجامع الأمويّ في العام 1929، وتابع تعليمه في مدارس حلب حيث حصل على شهادة التعليم الابتدائي عام 1943 و شهادة الدراسة الثانوية في 1950.
انتقل “السباعي” إلى مصر للدراسة في كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول والتي سُميت جامعة القاهرة فيما بعد، وعاد بعد أن أتم دراسته إلى مسقط رأسه أواخر يونيو 1954، ثم اتجه للتدريس وكتابة القصة. وأنضم إلى نقابة المحامين في عام 1955.
استوحى السباعي بعض قصصه خلال تجاربه في المحاكم، مثل “ذقون في الهواء”، إحدى قصص مجموعته “حياة جديدة”، التي أذاعها راديو حلب عام 1957، وحكم عليه بالحبس لعشرة أيام جراءها.
وفي أواخر عمله عُين مديراً لمعهد سيف الدولة في إحدى ضواحي حلب ونُقِل منصبه إلى دمشق عام 1967 واستوطن فيها، حيث عمل موظفاً في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حتى عام 1969، ثم عمل في المكتب المركزي للإحصاء (1969-1972) وشغل منصب مدير الإحصاء في دمشق، وفي الثاني والعشرين من تشرين الأول 1977 سافر إلی باريس والتحق هناك بدورة للأرشيف.
بعد عودته الى سوريا انتقل من جامعة دمشق إلى الإدارة المركزية في وزارة التعليم العالي، ليعيّن مديراً للترجمة والنشر، وكان حتى تقاعده عام 1982 يشغل موقع مدير في وزارة التعليم العالي، كما عمل في مجال حقوق الإنسان، وكان معنيا بالتراث الإنساني.
في شهر نوفمبر من العام ذاته ترك “السباعي” العمل الحكومي ليتفرغ للكتابة، فأعلن عن تأسيس دار إشبيلية للدراسات والنشر والتوزيع بدمشق عام 1987 وفي أكتوبر 2013 هاجر إلى فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية مع عائلته.
الكاتب السوري وابن مدينة حلب، ساهم في تأسيس اتحاد الكتاب العرب منذ العام 1969، وكان مقرراً لجمعية القصة والرواية في الاتحاد لمدة 4 أعوام متفرقة، كما قدم خلال مسيرته للمكتبة العربية عدداً كبيراً من الأعمال الأدبية التي تُرجم بعضها إلى العديد من اللغات من بينها الإنكليزية، والفرنسية، والروسية.
على صعيد الرواية، أصدر “السباعي” عدة روايات منها : “ثريا” عام /1962/ و “ثم أزهر الحزن” عام /1963/ التي لاقت صدىً كبيراً في حينها، ثم أصدر “الظمأ والينبوع” عـام /1964/ و “رياح كانون” عام /1968/، كما أصدر الكثير من المجموعات القصصية ومنها “الشوق واللقاء” عام /1958/، و”حياة جديدة” عام /1959/ و”مواطن أمام القضاء” عـام /1959/ ، و”الليلة الأخيرة” عام /1961/، و”نجوم لا تحصى” عام /1962/، ثم “حزن حتى الموت” عام /1975/، و”الابتسام في الأيام الصعبة” عام /1983/، و “الألم على نار هادئة” عام /1985، و”اعترافات ناس طيبين” عام /1990/.
أما على صعيد التأليف في مجال السيرة والتراجم، وضع العديد من الكتب ومنها “الزعيم إبراهيم هنانو، ثورته ومحاكمته: دراسة التاريخية والسيرة، 1961. و”عقبة بن نافع”: سيرة، 1975 و”طارق بن زياد”: 1975 و “عمر المختار”: سيرة و “موسی بن نصير”، وفي عام “1975 “عمر بن العاص” سيرة، “1975 و “غومة المحمودي”: 1975. و”عبد الكريم الخطابي”، 1977. و”عبد الرحمن الكواكبي”، 1975″ و”سليمان الباروني، 1975″ و”عبد الحميد بن باديس”، 1976″ غيرها.
عُرف عن السباعي مناهضته للنظام السوري حيث تعرض للاعتقال عام 1980 إثر لقاء مع طلاب كلية الآداب بجامعة حلب، قرأ فيه قصته “الأشباح” التي ضمّتْها فيما بعد مجموعته “آه يا وطني”.
يذكر أن اتحاد الكتاب العرب الذي كان “السباعي” أحد مؤسسيه، لم ينشر أيّا من المخطوطات التي قدّمها له في أعوام السبعينيات، فقد خاض البعثيون والمشمولون برعايته حرباً للحيلولة دون نشر كتبه في سوريا ما دفعه للذهاب إلى بيروت لطباعتها هناك.
روايات السباعي شكلت أطروحات لطلاب عرب وأجانب لنيل رسالة الماجستير في الجامعات، حيث أعدت المستعربة البولونية “بياتا سكوروبا” أطروحتها عن رواية السباعي “ثم أزهر الحزن” ونالت عليها درجة الماجستير من جامعة كراكوف.
كما أعدّ المستعرب السويدي “فيليب سايار” أطروحة عن أدبه عنوانها “رسالة في فنّ الفانتازيا في قصص فاضل السباعي” في جامعة ستوكهولم، وحصل الأديب المصري “محمود القاعود” على درجة الماجستير بدرجة ممتاز عن دراسة له بعنوان “الرواية الاجتماعية عند فاضل السباعي” من كلية آداب جامعة عين شمس العام الماضي.
بعد تجربة غنية بالعطاء الأدبي والفكري امتدت لأكثر من 70 عاماً، رحل أحد أهم أعلام الثقافة السورية الكاتب والأديب ” فاضل السباعي” بتاريخ 25-11-2020 ، تاركاً إرثاً أدبياً متنوعاً بين القصة والرواية والمسرح والدراسات والنقد، كما ترك قصة مميزة لسوري رفض الرضوخ لأفرع المخابرات، وجابه النظام من مناطق سيطرته.