fbpx
أخر الأخبار

بري.. الحريري .. عون: حبيت ما حبيت ماشاورت حالي.

 “حبيت ماحبيت، ماشاورت حالي” يبدو أنها لغة نبيه بري مع صديقه سعد الحريري، والجواب يأتيه من الجنرال عون “كذاب مش كذاب رد الباب”، وتتوه السيدة العظيمة فيروز ما بين الرئاسات، وليس من بين اللبنانيين من يقول عن أيّ من الثلاثة، عون، بري، الحريري:

ـ ياضيعانو ياضيعانو شوكان مليح بزمانو.

اللبنانيون، تقيؤا الثلاثة، وليس من حل أي حل لمجموع كوارثهم بدءًا من كارثة الاحتياط الإلزامي الذي أوشك على الانهيار في المركزي اللبناني، وصولاً لحبة الدواء وقد باتت معجزة لايحصل عليها اللبناني وقد أضيفت إلى معجزات الدنيا السبع، أما عن المداولات بشأن نشكل حكومة أو لا نشكل، فقد أفضت إلى أبواب جديدة للتعقيدات، بدلاً من التمهيد لفتح نافذة أمام حلول للأزمة الحكومية.

المعلن عن “الأزمة” هو:

ـ وزيرين واسمين وحقيبتين.

وفي حقيتها هي أزمة، محاولات  طرفيْ الصراع الأساسييْن استيلاد نمط حكم جديد وقواعد سياسية جديدة تعيد ترسيم نفوذهما.

الرئيس المكلّف سعد الحريري حسمَ قراره بالاعتذار، قبل أن ينقل قراره إلى حالة «وقف التنفيذ» بناءً على طلب نبيه بري الذي «صارَ مقتنعاً بأن لا فرصة متاحة تسمح للحريري بالتشكيل، خارجياً أو داخلياً»، بانتظار «الاتفاق على بديل».

والحريري وبالكثير من المؤشرات ورغم أن فكرة الاعتذار لا تزال تراوده، إلا أن حركته نهاية الأسبوع الماضي هدفت إلى تكريس صورته كزعيم أوحد للطائفة السنية من خلال اجتماعه مع دار الفتوى، واللقاءات التي عقدها مع شخصيات سنية، حتى إن بعضها غير مقرّب منه، وأنه تقصّد فعل ذلك للتخفيف من جدية الأجواء التي سُرّبت عنه أخيراً في ما خص الاعتذار.

من المجريات الثابتة أن الرئيس برّي طلبَ إلى الحريري التريث، وهو يُصرّ على ربط الاعتذار بالتوافق مع الحريري على بديل، على أن يحظى البديل بغطاء الطائفة السنية لئلا تتكرّر تجربة الرئيس حسّان دياب.

والثابت كذلك أن بري «لا يريد تسليم البلاد لميشال عون وجبران باسيل»، ولا إعطاءهما فرصة للظهور بمظهر المنتصر. كما لا يريد أن يكون البديل واحداً من الأسماء التي اقترحها عون وباسيل، فيكونان قد حققا مبتغاهما وفرضا ما يريدانه. حتى إن بري يعتبر، بحسب المصادر، أن الحل لا يُمكن أن يكون بتسمية رئيس حكومة من فريق 8 آذار لا يحظى بالتوافق والغطاء السنيّ الكامل، لأن هذا الأمر لن يساعد في إخراج البلد من الأزمة، لا بل سيزيدها تعقيداً.

الحريري الذي كانَ قد كشف أمام من التقاهم من مسؤولين وشخصيات سنية أن خيار الاعتذار وارد، فوجئ بمعارضة واسعة لم يكُن يتوقعها، على اعتبار أن هذا القرار لا يُمكن أن يتخذه وحده، وأن هذه الخطوة هي بمثابة إعلان هزيمة أمام عون وباسيل وتراجع لحساب ما يريدانه، وهو ما سيفتح أمامهما الطريق لتنفيذ مشروعهما للسيطرة على رئاسة الحكومة.

وفي هذا الإطار، ووفق مصادر من بينها صحيفة “الأخبار اللبنانية” المقربة من “حزب الله”، تقول أن ثلاثي رؤساء الحكومات السابقين من أشد المعارضين لقرار الاعتذار، لكن أعضاءه لم يحضروا اللقاء في دار الفتوى، لأنهم حرصوا على عدم إعطاء صبغة طائفية للخلاف، وكأن هناك انقساماً بطابع سنّي – ماروني.

وفيما لم تُسجل في الأيام الماضية أي اتصالات على صعيد الملف الحكومي، خاصة بعدَ السجال الإعلامي بينَ باسيل والنائب علي حسن خليل الذي عكس التوتر بينَ عين التينة والبياضة، لفتت مصادر مطلعة إلى أن برّي منزعج من طريقة التعامل مع مبادرته، بينما سيتسغلّ الحريري الدعم الذي حظي به سنياً لتحصين نفسه من محاولات انتزاع التكليف منه، طوعاً، ووضع عوائق أمام أي شخص يطمح إلى خلافته، حتى لو عاد واعتذر.

التريّث في الاعتذار، عكسته تصريحات شخصيات في تيار المستقبل، ومنهم النائب السابق مصطفى علوش الذي أشار إلى أن «خيار الاعتذار مؤجل، وأن المزاج الشعبي عند تيار المستقبل 90 في المئة يعارضه». حتى الحريري نفسه، ظهرَ في مقابلة مع صحيفة «الشرق الأوسط» ليقول أنه يتمهّل، وقال إنه «لن ينفرد باتخاذ أي خيار من هذه الخيارات، سواء في استمراره في مهمته التي استمدها من البرلمان أو في الاعتذار عن التأليف من دون العودة إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري والمجلس الشرعي الإسلامي ورؤساء الحكومات السابقين».

جريدة “الأخبار” التي تتابع الأمر تقول أنه “كانَ لافتاً في كلام الحريري تشديده على علاقته الممتازة بنبيه بري.. حتى وصل بها توصيف العلاقة ما بين الرجلين إلى القول “سعد الحريري يعني نبيه بري، ونبيه بري يعني سعد الحريري”. ونقلاً عن الحريري تنشر: «إنه الشخص الوحيد الذي وقف إلى جانبي منذ اللحظة الأولى لتكليفي بتشكيل الحكومة؛ لم يتركني أبداً، ولم أسمع منه أو يُنقل عنه أي حرف أو كلمة توحي بأنه تخلى عني».

غريبة هي الكركبة اللبنانية، وستزداد غرابة حين نقرأ تفسيرًا لكلام الحريري هذا وكأنه موجّه ضد وليد جنبلاط، لأن الحريري يعتبر أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي لم يقف إلى جانبه كما ينبغي، مع أن اللبنانيين كل اللبنانيين يعلمون بالتمام والكمال أو وليد جنبلاط ونبيه بري “اثنان في لباس واحد”، فما يرضي الاول يرضي الثاني، والعكس صحيح، فكيف لهذا الاستخلاص أن “يركب” في مثل هكذا معادلة؟

في جميع الأحوال، يُمكن تلخيص اللحظة اللبنانية  بتأكيد أن البلاد ستكون على موعد مع أسابيع ملتهبة، وهناك خشية من أكثر من عامِل تقاطعت عندَ رسم أفق قاتِم: استعصاء الولادة الحكومية.

الانقسام الحاد بين بري – الحريري يتجدد من جهة وعون وباسيل من جهة أخرى، بعدَ أن حاول رئيس المجلس أن يلعب مؤخراً دور الوسيط. موقف حزب الله الذي على ما يبدو أنه سيكون محرجاً ما بينَ ضغط بري و«عناد» باسيل، فضلاً عن ارتفاع منسوب الغضب في الشارع على وهج استمرار الدولار بالتحليق فوق عتبة 15 ألف ليرة في السوق، ومعه أسعار غالبية السلع، مع احتمالية انفجاره قريباً.

كل ذلك يحدث، فيما مازال راديو سيارة لبنانية تقف على محطة البنزين وفيروز تغني:

ـ حبيت ما حبيت ماشاورت حالي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى