سيعود النظام السوري إلى جامعة الدول العربية ولكن.. “لكن” هذه تقول “على مستوى وزير خارجية وبصفة مراقب”، مايعني انها عودة ناقصة، دون نسيان أن عودته او عدمه لن يغيّر في واقع وحياة الشعب السوري المتوزع على مجموعة من الاحتلالات، اكثرها دموية الاحتلال الإيراني، ينافسه الاحتلال الروسي، ولن تقبل قوات الامر الواقع المتمثلة بالفصائل الإسلامية أن تكون اقل دموية وشناعة من كلا الاحتلالين السابقين، مع ملاحظة أن سطوة النظام باتت مقتصرة على احياء من سورية، هي الأحياء الاكثر فاقة واحتياجاً ومجاعة، وقد تنافس الاستبداد فيها مع الفساد، دون أن تتغير أي تفصيلة من سلوك النظام، هذا إن لم تتضاعف سطوته على (جماهيره) وحواضنه، مع مزيد من الاعتداد الواهم بالنفس، حتى يحلو لإعلامه تكرار مقولة “العرب يهرولون الينا” وهي المقولة التي تتكرر على الدوام عبر إعلامه ليسجّل انتصارات واهمة.
العرب الذين حاوروا النظام، واستدعوه لينضم إلى مجموعة الدول العربية بـ “الحد الادنى”، فعلوا ذلك من منطلق اختبار النظام لا الإيمان بصلاحيته ومشروعيته، وفعلوا ذلك مدفوعين بحزمة من الاشتراطات، من بينها تصحيح سلوك النظام الذي يعني فيما يعنيه:
ـ إطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
ـ إشراك المعارضات في الحكم عبر مؤتمر وطني شامل.
ـ عودة المهجرين والنازحين والمبعدين والمتشردين من السوريين في أصقاع الأرض إلى المناطق التي رحّلوا منها.
ماهو بحكم المؤكد، أن النظام وحتى لو صدق في النوايا، فلن تسعفه أدواته على تحقيق مصداقية في أيّ من المطالب السابقة، فلاعودة المهجرين ممكنة والبلاد خراب والتغيرات الديمغرافية قد أحلت سكاناً محل سكّان، وإعادة الحياة إلى أصلها تتطلب فيما تتطلب قوّة اقتصادية أقله لإعادة الإعمار، والنظام عاجز عن تشغيل محدلة أو ضربة إزميل، أما الإفراج عن المعتقلين السياسيين ربما سيكون اكثر استعصاء، ذلك أن خطوة من هذا القبيل تتطلب فيما تتطلب الكشف عن المغيبين، ما يعني فضيحة كبرى ستضاف إلى الفضائح الكبرى للنظام، وحين يكون الكلام عن الشراكة في السلطة، فنظام من هذا الطراز لن يكون بمستطاعه الشراكة مع أية معارضات جدية، ومجرد طلب هذه الشراكة يعني أن تطلب من النظام أن يأكل نفسه، وهو لن يختار الطريق إلى هذه المائدة وقد مارس خمسون سنة من أكل الناس كل الناس.
عودة العرب إلى النظام، أو استعادة العرب للنظام، لاتعدو مجرد اختبار للنظام، وهو اختبار بدأ بمحاولة فصل النظام عن ملالي طهران، ومحاولة ترقيع او ترميم حالة لابد وسيستعصي ترقيعها أو رثوها، فالثوب مهترئ، وليس من وسيلة لإصلاحه او لمزيد من اختبار صلاحيته أي كان الجسم “اللبيس”.
نظام كهذا لارهان عليه، ووجود مقعد لوزير خارحيته في مؤتمر القمة العربية المقبلة، لايزيد في أهميته عن خشب الكرسي الذي سيقعد السيد الوزير عليه.
إنها مجرد لعبة عنوانها ” لزوم مالا يلزمنا”.
لاتزيد الحكاية عن هذا اللا لزوم.