fbpx
أخر الأخبار

بشار الأسد وقد أخرج الأرنب من قبعته

في جزء من سيرة آل الأسد، أن الأب الراحل، قسّم السوريين كل السوريين إلى اثنين:
ـ سوري تحت إبطه، وسوري تحت سيفه.
ينطبق هذا على اليسار، والقوميين، كما على الدينيين بكل تنويعاتهم، فاليساريون قسّموا الى حلفاء تحت مظلة جبهته الوطنية التقدمية، (كما شاء أن يسميها)، وشيوعيون في السجون كما حال المكتب السياسي ورابطة العمل الشيوعي، وكذلك شخصيات يسارية من خارج الأحزاب.
وحين يأتي الكلام عن الليبراليين، فله ليبراليتان:
ـ ليبرالية مطاردة، ومتهمة، كما مجمل رموز البورجوزاية الوطنية السورية في قطاعيها التجاري والصناعي، وليبرالية في الحضن كما حال البورجوازيات الوليدة، من حديثي النعمة، وزبائن النظام، وشركاء البيرقراطية الحكومية بشقيها العسكري والمدني.

أما عن االقوميين فكذلك الحال، قوميون تحت إبطه تقتصر مهامهم على حفلات الشاي، وقوميون أكلتهم السجون ، ومعظمهم من رفاق أمسه كما حال محمد عمران وصلاح جديد ونور الدين الأتاسي وسواهم.
وحين يأتي الكلام عن المتدينين، من مسيحيين ومسلمين سيكون الحال كذلك، بما سمح للأب بإطلاق مجموعة من أئمة المساجد، باتوا أشدّ ارتباطًا بالأجهزة الأمنية، بفقههم وسلوكهم وولاءاتهم وامتيازاتهم، وربما كانت الظاهرة الفاقعة ظاهرة النساء القبيسيات، اللواتي لعبن دورًا داعمًا ومازلن لأجهزة النظام، وذلك عبر انتشارهن ما بين صفوف النساء المدينيات، وتحديدًا ممن ينتمين الى الرأسماليات الوليدة، وهكذا باتت المؤسسة الدينية، أكثر طواعية وتزلفًا للمؤسسة الحاكمة، بل وظهيرًا لها، بمواجهة شعب يهده الجوع وينهشه افتقاد الأمل، وكان هذا ما أسسه (الرئيس الأب)، ويتابعه الرئيس الابن وإن بجودة أقل وأداء أسوأ، تبعًا لفارق المهارة والقدرة مابينهما، كما تبعًا لظرف بات الكل فيه في العراء، وآخر ما استجد، تلك الحفلة الدينية التي أقامها بشار الأسد، ليشتغل واعظًا لوعّاظ، عبر لقائه بشخصيات دينية سنية، ليؤكد لهم أنه يحمل على كتفيه قيم الدين الحنيف، ويرشّح نفسه مدافعًا عنه من خلال هجومه على الأنظمة الغربية التي وحسب قوله:
ـ العلمانية هي حرية الأديان وليست فصل الدين عن الدولة اذ لا يمكن ذلك..
وإن الليبراليه الغربيه شرعنت المثليه الجنسيه والحشيش …وإنها لاتعترف بنوع الطفل عندما يولد وإن له الحق في تحديد جنسه …وإن الملحدين هم من خرجوا من المساجد في بداية الثورة.

كلام، يسهل الرد عليه، وإن كان الرد سيأتي كما لو جرف الوحل عن وحل، فهذ كلام هذياني يمكن تفنيده بكل بساطة، ففصل الدين عن الدولة، ليس مستحيلاً كما طاب له القول، وهذه مجمل المنظومة الغربية قد أفلحت بإنجاز هذا الفصل، أما عن المثلية الجنسية واباحة الحشيش في الغرب، فإذا ماكنا ضدهما، فهما أقل وطأة من الاغتصاب اليومي الذي يمارس على الشعوب الخاضعة للدولة المستبدة، وحين يأتي الكلام عن حشيشة الكيف، قكل المعلومات تقول بأن نظام بشار الأسد بات اليوم من أوائل مصنعي ومروجي ومصدري الكبتاغون، السم الفتاك والقاتل، فيما الاتجار بالحشيش مازال محتكرًا لحليفه حزب الله المحمي بأجهزة أمن بشار الأسد ولسنوات يشهد عليها سكان البقاع الللبناني، وفيما يتصل بالثورة، وخروج العلمانيين من المساجد، فطالما نفى إعلامه ونظامه ذلك، وبالنتيجة فهذا لصالح ثورة السوريين وليس على الضد منها.
ويبقى السؤال:
ـ ما مناسبة لقاء بشار الأسد بالشخصيات الدينية السنية تحديدًا وفي هذا التوقيت على وجه التحديد؟
هل هو مجرد عرض لفقه بشار الأسد؟ أم أنه يأتي تحسبًا لمرحلة قادمة في مواجهة أكثر حزمًا مع المجموعة الأوروبية والولايات المتحدة، وكانت ألمانيا أطلقت حملة واسعة مستحضرة كيماوي بشار الأسد وانتهاكاته لحقوق الإنسان في البلد، فيما احتمالات القادم قد تحمل معها نسقًا دوليًا مختلفًا في التعاطي مع المسألة السورية، مايحث بشار الأسد الى العمل على إطلاق تحالفات مع السنة المحافظين في محاولة لتحشيدهم إلى صفه؟
ليس ثمة إجابة حاسمة، فالعارفون بشخص بشار الأسد يعرفون جيدًا أن رغباته المكبوتة في استعراض المهارة قد تدفعه ليكون لاعبًا سيئًا في سيرك، يحاول أن يخرج الأرنب من القبعه، فيضيع الأرنب ويضيّع رأسه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى