fbpx

بعباءة القانون المصطنع.. إيران تغير ديموغرافية العراق

دخل العراق، مرحلة التغيير الديموغرافي بعباءة القانون المصطنع، تسعى إيران من خلال هذه المرحلة، إلى حصاد ما فعلته عبر مخططاتها الميليشياوية والسياسية طيلة السنوات الماضية، بعد اقتتال طائفي في بلد العراقة والتاريخ، مستغلة التوغل داخل أروقة الدولة العراقية عبر أزلامها.

قضية جديدة، شهدت اضطراباً خطيراً في العراق، بعدما أثار استحواذ الوقف الشيعي على بعض ممتلكات الوقف السني في مدينة الموصل ذات الأغلبية السنية غضب الشارع الموصلي، حيث استولى الوقف الشيعي مؤخراً على عقارات ومحال ومساجد تعود ملكيتها للوقف السني.

حرب.. أججها الأمريكي

بعد سقوط نظام صدام حسين سنة 2003 ألغى الحاكم المدني الأمريكي على العراق “بول بريمر” وزارة الأوقاف، وأسس مكانها هيئة الوقف السني، وهيئة الوقف الشيعي في خطوة لتعزيز الانقسام الطائفي في العراق، وكان وقتها الوقف السني غالبية الأوقاف في البلاد؛ بينما لم تكن تمتلك هيئة الوقف الشيعي وقت تأسيسها سوى بعض المساجد والمحال التجارية الصغيرة في المحافظات الجنوبية حيث يتمركز الشيعة.

حيث جاء في نص القرار الذي وقع عليه بريمر ” كل وقف باسم آل البيت أو أوقفه أحد من آل البيت، فإن ملكيته تتحول إلى الوقف الشيعي” وكأن بريمر يحاول تشيّع العراق برمته، لأن العلماء السنة الذين ينسبون لآل البيت كثر، كما أن المسلمين عموماً والسنة خصوصاً مشهورين بحبهم واحترامهم لآل البيت، لذا فإنهم يسمون المساجد ودور العلم بأسماء من آل البيت، كما يسمون أولادهم بأسماء آل البيت، ما جعل السنة العراقيون يشعرون بظلم كبير لحق بهم جرّاء هذا القرار.

ففي سنة 2010 حاول الوقف الشيعي إرسال كتاب رسمي إلى دائرة التسجيل العقاري ;ndashالأيمن- في الموصل من أجل تسجيل 20 مرقدًا وجامعًا باسم الوقف الشيعي وانتزاع ملكيتها من الوقف السني مستندين على قرار الحاكم المدني الأمريكي بول بريمير القاضي بالفك والعزل بين ممتلكات الوقفين.

ويرى مؤرخون عراقيون، أن مشكلة الأوقاف في العراق كانت من المفترض أن تكون قد حلت منذ عام 2008 بعد أن أصدر مجلس الوزراء قرارًا في شهر يوليو من ذلك العام، وضم بنودًا عديدة يحدد من خلالها تبعية الوقف إن كان للسنة أم للشيعة.

فمن جملة ما نص عليه قرار الحاكم الأمريكي “بول بريمر” فيما يخص ملكية الوقف، اعتماد الحجة الوقفية للوقف الذي من خلاله يتضح مذهب الواقف، فضلاً عن الاعتماد على القسام الشرعي للميراث، كما أن القرار حدد كذلك تبعية المقابر الأثرية بالاعتماد على مذهب المدفونين فيها إن كانوا سنة أم شيعة.

تقول إحدى النظريات وموطنها الولايات المتحدة نفسها، أن أمريكا هي من أنتج داعش، ولو حققت هذه النظرية نسبة نجاح تفوق الـ40% فإن اختيار منطلقها من الموصل يحمل بصمات تغير ديمغرافي متعمد.

انتهاكات داعش

تسببت جرائم “داعش” الوحشية بنفور نسبة كبيرة من الإسلام ظناً منهم أن التنظيم الإرهابي يمثل تعاليم الإسلام، كما أدان آخرون التعاليم الإسلامية التي كان يزعم التنظيم أنها من جوهر الدين وهي ليست كذلك- ما دفعهم للمطالبة بتنحية الفئة التي ينتمي التنيظم لها “السنة”.

ويقول مدير ديوان الوقف السني في الموصل “أبو بكر كنعان” في لقاء صحفي له: ” إن ما يحدث من تجاوزات على أملاك ومساجد وعقارت الوقف السني تكرر مرة أخرى بعد استعادة الموصل من سيطرة تنظيم الدولة داعش-، وإن ما يحدث من تجاوزات على الوقف السني يعكس صورة سلبية عن الوضع في المدينة التي خرجت للتو من حرب مدمرة”.

وكشف كنعان أن ديوان الوقف السني في نينوى تلقى كتابًا يضم 17 مرقدًا ومقامًا يطالب بها الوقف الشيعي اعتمادًا على تسمية هذه الأضرحة وجميعها تقع في مدينة الموصل القديمة التي يعرف الجميع أن ليس من بين سكانها أي شيعي.

تمدد شيعي

نجح الوقف الشيعي في وضع يده على أملاك وقفيّة سنيّة في الموصل، لكنه لم ينقل ملكيتها حتى الآن بشكل رسمي إليه، حيث أجبر مؤجري الأملاك على دفع بدلات الايجار للوقف الشيعي.

وعلّق نينوى السابق “أثيل النجيفي” على الوضع قائلاً: ” إن الوقف الشيعي طالب بأملاك كثيرة، بدأت بعدد من الجوامع والمراقد بالموصل، ثم توسع إلى أوقاف مرقد النبي يونس، التي تمثل مساحات شاسعة في الساحل الأيسر، بقلب الموصل”.

وتابع النجيفي: ” قسم من الأراضي أعطيت لمستثمرين، وأخذ الوقف الشيعي أموالاً طائلة لقاء هذه الاستثمارات غير القانونية”.

وبيّن محافظ الموصل السابق “أثيل النجيفي”؛ إن مساعي السيطرة على ممتلكات الوقف السني في المحافظة بدءت سنة 2010، عندما محاولة الوقف الشيعي السيطرة على 20 مسجد يتبعون للسنة بينها مساجد تاريخية، وذلك بحجة ارتباط اسم هذه المساجد بالأئمة الشيعة أو آل البيت.

وقال الوقف السني في الموصل: الوقف الشيعي استحوذ على عشرات المساجد منها مساجد تاريخية، وعقارات ومحال وقفيّة تتبع الوقف السني، غالبيتها في المدينة القديمة- قلب الموصل التجاري-.

لم تظهر الحكومة المركزية في بغداد أي اهتمام لما يحدث ولم تصرح عن أحقية ملكية الوقف السني لممتلكاته، فطالب ممثلوا المدينة في مجلس النواب الحكومة بالتحرك لمنع حدوث تغير ديمغرافي في الموصل ذات الأغلبية السنيّة.

وأوضح “النجيفي”، إن الموصل تمثل أهمية قصوى لإيران التي تريد فتح طريق استراتيجي يربطها بسوريا، وهو أقرب طريق بالنسبة لها، وقال النجيفي: ” إيران تتعامل مع كردستان المحاذية للموصل، على إنها تحت اليد، لذا يبقى لدى إيران ضمان الموصل، وبالتالي ضمان الطريق المتبقي الى سوريا بمسافة 150 كيلومترا”.

وكشف في حديثه لوسائل صحفية عدّة؛ عن وجود ممر آخر من جنوب القيارة باتجاه تلعفر، ومن ثم سوريا.

وقال المحافظ السابق لنينوى، “مشروع الطريق الاستراتيجي عرض على الموصل في 2012 ورفضته المحافظة، لكن في الفترة الحالية يتم فرض الطريق بالقوة”.

وتسيطر إيران على محافظة نينوى عبر المليشيات الشيعية التي أسستها في العراق وتعمل لصالحها، وأكبرها مليشيا “الحشد الشعبي” الأمر الذي أجج المشاعر الدينية داخل المحافظة السنيّة، وهناك مخاوف انفجار سني شيعي على الحدود الشمالية الغربية للعراق.

الموصل.. مدينة النكبات

مدينة الموصل، تعتبر في مركز محافظة نينوى، وهي ثاني أكبر مدينة في العراق بعد بغداد، السكان هم مسلمون سنة ينحدرون من 6 قبائل أساسية؛ شمر، الجبور، السادة الحياليين، البوحمدان، وطيء، وبني هلال، و20% من الكرد والتركمان والشبك، ومسيحيين ينتمون لكنائس متعددة.

يدين العراق للموصل في نشأته، فلم يكن للدولة العراقية الحديثة أن تتشكل في بداية العشرينيات من القرن العشرين لو لم تلحق بها الموصل التي ظلت موضوع تجاذب حاد بين بريطانيا وفرنسا منذ الحرب العالمية الأولى، وبين سلطات الانتداب الفرنسي وتركيا التي لم تتنازل عن الموصل إلا عام 1926، بعد التوقيع على معاهدة أنقرة.

مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى